ذكرنا آنفاً ان الارق والقلق النفسي يعتبران في النظام الصحي الرأسمالي ، مشكلة طبية تستدعي علاجاً يقوم على اساس الدواء الكيميائي. ولما كانت الحياة المبنية على التنافس الاقتصادي مصحوبة دائماً بالصراع النفسي والصخب والكدح المستند على حيازة اكبر قدر ممكن من المادة ، فان الارق يصبح داء الفرد الرأسمالي لان الاثارة التي تجلبها الحياة الصناعية لبعض الافراد تسلب عن اعينهم النوم. واذا ادخلنا عملية تطبيب النظام الاجتماعي التي يسعى نظامه الصحي فرضها على المجتمع ، اصبح واضحاً لدينا ان الارق في الحضارة الحديثة يعتبر اليوم مرضاً توليه المؤسسة الرأسمالية اهتماماً واسعاً ، وتزعم ان علاجه لا يتم الاّ عن الطريق الكيميائي.
اما في الاسلام ، فان النوم وآدابه جاء ضمن اطار الحديث عن القضايا التعبدية. فقد حببت الشريعة للمكلفين السكن والخلود من ضجيج النهار واتعابه ، كما جاء في النص المجيد : ( وَجَعَلنا نَومَكُم سُباتاً ، وَجَعَلنا اللَّيلَ لِباساً ) (١) ، وخصصت جزءاً من الليل للعبادة وجزءاً آخر للنوم كي يسترد الجسم عافية ، واعتبرت النوم عبادة يجازى عليها المكلف ايضا ، ولكن بشرطين ، الاول : ان يكون الفرد على طهارة قبل الخلود للنوم. والثاني : ان يذكر الله تعالى في كلّ موضع يتقلب فيه في مخدعه.
وقد ذكر الفقهاء آداباً للنوم ننتخب منها ما يناسب هذا الكتاب.
اولاً : الطهارة والسواك ، فقد ورد عن ابي عبد الله (ع) : ( من تطهر ثم
__________________
(١) النبأ : ٩ ـ ١٠.