وكفى بالشابل رزقا طريا ، وسمكا بالتفضيل حريّا ، يبرز عدد قطر الديم ، ويباع ببخس القيم ، ويعمّ حتى المجاشر (٤٦٨) النائية والخيم. إلا أن ماءها لا يروى به وارد ، لا كريم ولا بارد ، وأليفها شارد ، والخزين بها فاسد ، وبعوضها مستأسد ، راضع غير مفطوم ، واسم للخدّ والخرطوم بذيالك الخرطوم ، خالع للعذار غير مخطوم. تصغي لرنته الآذان ، ويفتك بوكز السنان ، كالقوس تصمي الرمايا وهي مرنان ، وديارها في الماء دار عثمان ، وطواحنها غالية الأثمان ، وكثبانها العفر تلوث بيض الثياب ، طيّ العياب. وعابر واديها إلى مأرب أكيد في تنكيد ، إلى غلبة الإمساك وخوض النّسّاك ، وكثرة أرباب الخطط ، والإغياء في الشطط ، تذود عن جنّاته للأسد جنان فلا يلتذّ بقطف العنقود منها بنان ، وفي أهلها خفّة ، وميزانها لا تعتدل منه كفّة.
قلت فأنفا (٤٦٩) ، قال جون (٤٧٠) الحطّ والإقلاع ، ومجلب السلاع ، تهدي إليها السفن شارعة ، وتبتدرها مسارعة ، تصارف برّها الذهبي بالذهب الإبريز ، وتراوح برّها وتغاديه بالتبريز.
يكثر الطير حيث ينتثر الحبّ (م) وتغشى منازل الكرماء
وخارجها يفضل كل خارج ، وقانصها يجمع بين طائر ودراج ، وفواكهها طيبة ، وأمطار عصيرها صيّبة. وكيلها وافر ، وسعرها عن وجه الرخاء سافر ، وميرتها لا ينقطع لها خفّ ولا حافر ، لكنّ ماءها وهواءها عديما
__________________
(٤٦٨) المجاشر اصطلاح أندلسي بمعنى القرى والضياع
(٤٦٩) آنفاAnfa ، وهي المعروفة اليوم باسم الدار البيضاءCassblanca ، وهي مدينة كبيرة على ساحل المحيط الإطلنطي بالمغرب الأقصى ، وتقع على مسافة ستين ميلا شرقي أزمور. وهي مشهورة بمنتجاتها الزراعية وأشجار الفواكه. وكانت هذه المدينة تنافس ثغر قادس البرتغالي ، ونتج عن هذا التنافس التجاري أن دمرتها الأساطيل البرتغالية عام ١٤٦٥ ثم أعيد بناؤها سنة ١٥١٥.
انظر. (Juan Leon africano : Descripcion de africa p ٧٠١ ـ ٨٠١)
(٤٧٠) الجون : ضرب من القطا سود البطون والأجنحة ولعلّه يريد من وراء ذلك أن المدينة كانت بمثابة محط للسفن التي تشبه الجون في نزولها وإقلاعها.