ودين ظاهره مالكي ، وباطنه حنفيّ. الدماثة والجمال ، والصبر والاحتمال ، والزهد والمال ، والسذاجة والجلال. قليلة الأحزان ، صابرة على الاختزان ، وافية المكيال والميزان ، رافعة اللواء ، بصحة الهواء. بلد موصوف ، برفيع ثياب الصوف ، وبه تربة الشيخ أبي محمد صالح ، وهو خاتمة المراحل ، لمسوّرات ذلك الساحل. لكن ماءه قليل ، وعزيره لعادية من يواليه من الأعراب ذليل.
قلت فمدينة مرّاكش (٤٧٤) ، قال فتنفّس الصعداء ، وأسمع البعداء ، وقال درج الحلّي ، وبرج النيّر الجلي ، وتربة الولي ، وحضرة الملك الأوّليّ ، وصرح الناصر الولي. ذات المقاصير والقصور ، وغابة الأسد الهصور وسدة الناصر والمنصور. بعدت من المركز دارتها ، وجرت على قطب السياسة إدارتها ، وسحرت العيون شارتها ، وتعبد الإباءة إشارتها ، وخاضت البحر الخضمّ نذارتها وبشارتها. اقتعدت البسيط المديد ، واستظهرت بتشييد الأسوار وأبراج الحديد ، وبكى الجبل من خشيتها بعيون العيون ، فسالت المذانب كصفاح القيون ، وقيدت طرف الناظر المفتون ، أدواح الشجر بها وغابات الزيتون. فما شئت من انفساح السكك ، وسبوغ الشكك ، وانحلال التكك ، وامتداد الباع في ميدان الانطباع ، وتجويد فنون المجون بالمد والإشباع. زيتها الزمن يعصر ، وخيرها يمد ولا يقصر ، وفواكهها لا تحصى ولا تحصر. فإذا
__________________
الفتية المغررين أو المغربين من أهل لشبونة حينما نزلوا بهذا المكان وظنّوا أنهم في بلدهم لشبونة. فلمّا علموا أن بينهم وبين مدينتهم مسيرة شهرين ، قال زعيمهم : وا أسفى!! فسمي المكان إلى اليوم أسفى. انظر (زكي حسن : الرحالة المسلمون في العصور الوسطى ص ٤٩). انظر كذلك (عبد الحميد العبادي : حديث الفتية المغررين من أهل لشبونة ـ مجلة الثقافة بالقاهرة (١٩٤١) عدد ١٣٦). ولعلها من أسفو وهي كلمة بربرية بمعنى الضوء نسبة إلى المغارات التي كانت تقام على السواحل.
(٤٧٤) مراكش : Marruecos بالفتح ثم التشديد وضم الكاف ، مدينة عظيمة بالمغرب الأقصى.
أسسها يوسف بن تاشفين ملك المرابطين عام ٤٥٤ ه (١٠٦٢ م) واستمرّت هذه المدينة عاصمة للدولة أيام المرابطين والموحدين ثم قلت مكانتها السياسية في عهد بني مرين عند ما صارت مدينة فاس عاصمة لدولتهم
(مراصد الاطلاع ج ٣ ، ص ١٢٥١ ؛.j.leon : op.Cit.P.٧٦ ـ ٨٦)