إذا غدا الطّيب يجري في مفارقهم |
|
راحوا كأنّهم مرضى من الكرم |
فحقّت الظّنّة ، وصدقت المخيلة.
ومن الغد كان الانصراف ، فشيّع وأبعد ، وتألم للمفارقة وتوجع ، كثّر الله مثله ، وكافأ قوله وفعله ، وأورث عز تلك البقعة عقبه.
ولم أبرح يوم زيارة محل وفاة السلطان أمير المسلمين أن قلت (٥٢٨) :
يا حسنها من أربع وديار |
|
أضحت لباغي الأمن دار قرار |
وجبال عز لا تذلّ أنوفها |
|
إلا لعز الواحد القهار |
ومقر توحيد وأسّ خلافة |
|
آثارها تنبي عن الأخبار |
ما كنت أحسب أنّ أنهار الندى |
|
تجري بها في جملة الأنهار |
ما كنت أحسب أنّ أنوار الحجى |
|
تلتاح في قنن وفي أحجار |
محّت جوانبها البرود وإن تكن |
|
شبّت بها الأعداء جذوة نار |
هدّت بناها في سبيل وفائها |
|
فكأنها صرعى بغير عقار |
لما توعدها على المجد العدا |
|
رضيت بعيث النار لا بالعار |
عمرت بحلة عامر وأعزها |
|
عبد العزيز بمرهف بتار |
فرسا رهان أحرزا قصب الندى |
|
والبأس في طلق وفي مضمار |
ورثا عن النّدب الكريم (٥٢٩) أبيهما |
|
محض الوفاء ورفعة المقدار |
وكذا الفروع تطول وهي شبيهة |
|
بالأصل في ورق وفي إثمار |
أزرت وجوه الصّيد من هنتاته |
|
في جوّها بمطالع الأقمار |
لله أي قبيلة تركت لها النظ |
|
راء دعوى الفخر يوم فخار |
نصرت أمير المسلمين وملكه |
|
قد أسلمته عزائم الأنصار |
آوت (٥٣٠) عليا عند ما ذهب الردى |
|
والروع بالأسماع والأبصار |
وتخاذل الجيش اللهام وأصبح ال |
|
أبطال بين تقاعد وفرار |
__________________
(٥٢٨) أورد المقري هذه القصيدة في كتابيه نفح الطيب (ج ٨ ، ص ٣٢٣) ؛ وأزهار الرياض (ج ١ ، ص ٢٩٤ ـ ٢٩٥)
(٥٢٩) في نفح الطيب : الكبير
(٥٣٠) في نفح الطيب : وارت