بالمشيخة الاقتداء ، ورفعوا بالسلام النداء.
وامتاز خدام الأساطيل المنصورة في أحسن الصورة ، بين أيديهم الطبول والأبواق تروع أصواتها وتهول. وتأنق من تجار الروم من استخلص العدل هواه ، وتساوى سره ونجواه ، في طرق من البر ابتدعوها ، وأبواب من الاحتفاء شرعوها ، فرفعوا فوق الركاب المولوي على عمد السّاج ، مظله من الديباج ، كانت على قمر العلياء غمامه ، وعلى زهر المجد كمامه ، فراقتنا بحسن المعاني ، وأذكرتنا قول أبي القاسم ابن هاني :
وعلى أمير المسلمين غمامه |
|
نشأت تظلل وجهه (٢١٧) تظليلا |
نهضت بعبء الدر ضوعف نسجه |
|
وجرت عليه عسجدا محلولا |
إلى غير ذلك من أروقة عقدوها ، وكرامة أعدوها. وطلعت في سماء البحر أهلّة الشواني ، كأنها حواجب الغواني ، حالكة الأديم ، متسربلة بالليل البهيم ، تتزاحم (٢١٨) وفودها على الشط ، كما تتدخل النونات (٢١٩) في الخط ، فياله من منظر بديع الجمال ، أخذ بعنان الكمال ، بكر الزمان ، وآية من آيات الرحمن ، حتى إذا هالة القبة استدارت ، وبالقمر السعد من وجه السلطان ، أيّده الله ، أنارت ، مثلوا فسلموا ، وطافوا بركن مقامه واستلموا ، وأجهروا بالتلبية ، ونظروا ، من وجهه (٢٢٠) الجميل إلى سعد الأخبية ، وتزاحم من النساء الأفواج ، كما تتدافع الأمواج ، فرفع الجناح ، وخفض الجناح ، ومهد لهنّ سبيل العطف ، وشملهنّ كنف الإشفاق واللطف. ولما أرحنا واسترحنا ، والعيون في تلك البلدة سرّحنا ، رأينا قيد البصر ، والمحاسن التي ترمي اللسان (٢٢١) بالحصر ، حضرة يستقبل (٢٢٢) بها الملك ، ومربع يلتقي به القطار والفلك ، رفعت راية الشرف القديم ، وحازت على نظرائها مزية
__________________
(٢١٧) في (ب) تاجه
(٢١٨) في (ا) تتزحم
(٢١٩) في (ا) النوقات
(٢٢٠) في (ب) من وجه الجميل
(٢٢١) ساقطة في (ب)
(٢٢٢) في (ب) يستقل