غير ممطول ، وأمده لا يحتاج إلى الطول. إلا أن أسمها مظنة طيرة تستنف (٣٦٤) ، فالتنكيب عنها يؤتنف ، وطريقها يمنع شرّ سلوكها ، من تردّد ملوكها وهواؤها فاسد ، ووباؤها مستأسد ، وجارها حاسد. فإذا التهبت السماء ، وتغيّرت بالسمائم المسمّيات والأسماء ، فأهلها من أجداث بيوتهم يخرجون ، وإلى جبالها يعرجون ، والودك (٣٦٥) إليها مجلوب ، والقمح بين أهلها مقلوب ، والصبر إن لم يبعثه البحر مغلوب ، والحرباء بعرائها مصلوب ، والحرّ بدم الغريب مطلوب.
قلت فشلوبانية (٣٦٦) ، قال أختها الصغرى ، ولدتها التي يشغل بها المسافر ويغرى ، حصانة معقل ، ومرقب
متوقّل ، وغاية طائر ، وممتنع ثائر ، ومتنزّه زائر. تركب بدنها الجداول المرفوعة ، وتخترق جهاتها المذانب المفردة والمشفوعة. ففي المصيف تلعب بالمعقل الحصيف ، وفي الخريف ، تسفر عن الخصب والريف. وحوت هذه السواحل أغزر من رمله ، تغدو القوافل إلى البلاد تحمله. إلى الخضر الباكرة ، والنعم الحامدة للرّبّ الشاكرة.
وكفى بمترايل (٣٦٧) من بسيطها محلّة مشهورة ، وعقيلة مبهورة ، ووداعة في السهل غير مبهورة. جامعها حافل ، وفي حلّة الحسن رافل ، إلا أن أرضها مستخلص السلطان بين الأوطان ، ورعيتها عديمة الأعيان ، مروعة على الأحيان. وتختصّ شلوبانية بمزية البنيان ، لكنها غاب الحميّات ، غير أمينة على الاقتيات ، ولا وسيمة الفتيان والفتيات.
__________________
(٣٦٤) لعلها تشتنف : وشنف إليه شنفا نظر إليه كالكاره له والمعترض عليه
(٣٦٥) الودك : الدسم من اللحم والشحم
(٣٦٦) شلوبانيه أو سلوبينيه وهو تحريف للاسم القديم Salambina وتسمى الآن Salobrena وتقع على ساحل البحر المتوسط على مسافة قدرها ١٦ ك م شرقي المنكب. وإلى هذه المدينة ينسب العالم النحوي المعروف أبو علي الشلوبين. وأخباره موجودة في مراجع عديدة ذكرها ليفي بروفنسال في كتاب الروض المعطار ص ١٣٦ حاشية ٣
(٣٦٧) مترايل وهي الآن Motril وتبعد عن مدينة غرناطة بنحو ٧٤ ك م من ناحية الساحل شرقا. وهي لغاية الآن تعتبر من أهم بلاد غرناطة ، ومركز هام للمواصلات وزراعة قصب السكر. وقد أشار ابن الخطيب في المتن إلى أن أراضيها كانت من مستخلصات السلطان أي من ممتلكاته الخاصة.