قلت فبرجة (٣٦٨) قال تصحيف وتحريف ، وتغيير في تعريف. ما هي إلا بهجة ناظر ، وشرك خاطر ، ونسيجه عارض ماطر ، ودارين (٣٦٩) نفس عاطر. عقارها ثمين ، وحرمها أمين ، وحسنها باد وكمين. عقود أعنابها قد قرطت آذان الميس (٣٧٠) والحور (٣٧١) ، وعقائل أدواحها مبتسمة عن ثغور النّور ، وبسيطها متواضع عن النجد ، مرتفع عن الغور. وعينها سلسالة ، وسنابك المذانب منها مسالة ، تحمل إلى كل جهة رسالة. ودورها في العراء مبثوثة ، وركائب النواسم بينها محثوثة. لا تشكو بضيق الجوار ، واستكشاف العوار ، وتزاحم الزوّار. مياه وظلال ، وسحر حلال ، وخلق دمث كثراها ، ومحاسن متعدّدة كقراها ، ولطافة كنواسمها عند مسراها ، وأعيان ووجوه نجل العيون بيض الوجوه. غلّتهم الحرير ، ومجادتهم غنية عن التقرير ، إلا أن متبوأها بسيط مطروق ، وقاعدتها فروق ، ووتدها مفروق ، ومعقلها خرب ، كأنه أحدب جرب ، إن لم ينقل إليه الماء ، برح به الظماء ، ولله درّ صاحبنا إذ يقول :
يا بسيطا بمعاني برجة |
|
أصبح الحسن به مشتهرا |
لا تحرك بفخار مقولا |
|
فلقد ألقمت منها حجرا |
والبرّ بها نزر الوجود ، واللحم تلوه وهما طيّبتا الوجود ، والحرف بها ذاوية العود ، والمسلك إليها بعيد الصعود.
قلت فدلاية (٣٧٢) ، قال خير رعاية وولاية ، حرير ترفع عن الثمن ،
__________________
(٣٦٨) برجه وكانت تسمى قديماVirgi وتسمى اليوم Berja وتقع في إقليم المرية بشرق الأندلس
(٣٦٩) دارين : فرضة بالبحرين يجلب إليها المسك من الهند فينسب إليها. والنسبة إليها داري. قال الفرزدق :
كأن تريكة من ماء مزن |
|
وداري الذكي من المدام |
انظر (مراصد الاطلاع ج ٢ ، ص ٥٠٩).
(٣٧٠) الميس بفتح الميم شجر عظيم يتّخذ منه الرحال. وهو يقرب إلى الجوز الرومي إلا أن ورقه أرق وأصفر له حب أسود أكبر من الفلفل. والميسة ضرب من الكروم ينهض على ساق.
(٣٧١) الحور بتسكين الواو نوع من الشجر أيضا
(٣٧٢) دلاية وتسمى الآن Dalias ، وهي قرية في ولاية المريه ، وتقع في جنوب شرق برجه بنحو تسعة كيلو مترات. ـ راجع (الروض المعطار (الترجمة الفرنسية) ص ٥٦) انظر كذلك : (M. Asin Palacios : Contribucion a la toponimia arabe de Espana p ٤٠١)