زاوية الالتقاء على الصقيل مثل زاوية الانعكاس في المساحة من غير زيادة ولا نقصان فهاتان الزاويتان في السعة واحدة فيتصل طرف الشعاع بالقائم ثم يجري فيه خياله إلى الماء فينقطع فيه وكان القائم وقع على سطح الماء والقائم إذا وقع يصير أسفله أعلاه فلذلك ترى السماء تحته وكل ما هو أعلى من صاحبه يراه أسفله فلو أقيم ألمّا واقفّا كالمرأة رأى على هيئته فالقائم في القائم في منعكس لأن موضوع الانطباع وهو الماء أسفل والقائم وهو شعاع العين آت إليه فكأنه انطبع فيه وهو قائم فأخذه وانبطح والانبطاح في الحقيقة إنما هو وجه الماء لا في عمقه والحس لا يمكنه ضبط ذلك فيغلط فيه الوهم فيراه في جوفه كأنه قد غرق بعد الانبطاح على وجه الماء في الماء ولو غرقت الشجرة كان رأسها أسفل وهو ضرورة وكل ما هو على مثل السماء وغيرها يرى أسفل وما أحسن ما قال :
أرى مستقيم الطرف ما دمت عندكم |
|
وإن مال طرفي عنكم فهو أحول |
وقال آخر بلسان أهل التوحيد :
بانعكاس الشعاع في المرآة |
|
وانعطاف الصدى على الأصوات |
أيقن القوم إنه ليس في الكس |
|
وف سوى مقتضى سور الذات |
مسئلة : والشيء بالشيء يذكر بالاستطراد أو بالمناسبة من غلط الحس أن الشخص الماشي قد يرى القمر تحت السحاب متحركا إلى غير جهته التي يتحرك إليها بالذات وذلك على رأي القائلين بالشعاع وأنه المتحرك وفيه كلام طويل يطلب من بابه وأما رؤية الشمس كبيرة وصغيرة فلأن في جهة المشرق والمغرب رطوبات تتصاعد فتتفقد سفقّا فترى فيها الشمس كبيرة بسبب الرطوبات ورؤية النار البعيدة كبيرة وهي صغيرة والجمال ونحوها في السراب طوالا ونظائر ذلك تطلب من علم المناظرة وفيه لابن الهيثم كتاب في سبع مجلدات ومن أحسن حدائق قبا بل حدائق المدينة بالإجماع القويم مصغر القائم قاله كما قيل :
روض كمخضر العذار وجدول |
|
نقشت عليه يد النسيم مباردّا |
والنخل كالهيف الحسان تزينت |
|
فليس من أثمارهن قلائدا |
أو كما قال :
رياض إذا ما ذقت كوثر مائها |
|
أهيم كأني قد ثملت باسفنط |
ومن يجتهد في أن (١) في الأرض روضة |
|
تماثلها قل (٢) أنت مجتهد ومخطىء |
__________________
(١) في ب [بأن].
(٢) في ب [فلا].