على بقيع الفرقد فقال السلام عليكم يا أهل القبور ثلاثّا لو تعلمون ما الذي نجاكم الله منه مما هو كائن بعدكم ثم التفت فقال هؤلاء خير منكم قالوا يا رسول الله إنما هم اخواننا آمنا كما آمنوا وأنفقنا كما أنفقوا وجاهدنا كما جاهدوا وأتوا على أجلهم ونحن ننتظر فقال إن هؤلاء قد مضوا لم يأكلوا من أجورهم شيئا وقد أكلتم من أجوركم ولا أدري كيف تصنعون بعدي (١) وعنه عليه الصلاة والسلام أنه خرج إلى المقبرة فقال وددت أني قد رأيت اخواننا قالوا يا رسول الله ألسنا إخوانك قال أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد وانا فرطهم على الحوص قالوا يا رسول الله كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك قال أرأيت لو كان لرجل خيل غر محجلة من خيل دهم ، بهم ألا يعرف خيله قالوا بلى قال إنهم يأتون يوم القيامة غرّا محجلين من الوضوء وانا فرطهم على الحوص رجال عن حوض كما يزاد والبعير الضال فأناديهم ألا هلم ألا هلم فيقال إنهم قد بدلوا (٢) فأقول فسحقّا فسحقّا فسحقا (٣).
وعنه عليه الصلاة والسلام «يحشر من هذه المقبرة سبعون ألفّا يدخلون الجنة بغير حساب كان وجوههم القمر ليلة البدر فقام رجل فقال يا رسول الله وأنا منهم فقال وأنت
__________________
(١) لم أجده.
(٢) أخرجه مسلم في الطهارة ١ / ٢١٨ الحديث ٣٩ (٢٤٩). والنسائي في الطهارة ١ / ٧٩. وابن ماجه في الزهد ٢ / ١٤٣٩ الحديث ٤٣٠٦.
(*) قال الشيخ النووي : هذا مما اختلف العلماء في المراد به على أقوال : أحدها : أن المراد به المنافقون والمرتدون فيجوز أن يحشروا بالغرة والتحجيل فيناديهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم للسيما التي عليهم. فيقال : ليس هؤلاء مما وعدت بهم إن هؤلاء بدلوا بعدك. أي لم يموتوا على ما ظهر من إسلامهم. الثاني : أن المراد من كابد في زمن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم ارتد بعده فيناديهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وإن لم يكن عليهم سيما الوضوء لما كان يعرفه صلى الله عليه وآل وسلم في حيات من إسلامهم فيقال : ارتدوا بعدك. والثالث : أن المراد به أصحاب المعاصي والكبائر الذين ماتوا على التوحيد وأصحاب البدع الذين لم يخرجوا ببدعتهم عن الإسلام وعلى هذا القول لا يقطع لهؤلاء الذين يزادون بالنار بل يجوز أن يزادوا عقوبة لهم ثم يرحمهمالله سبحانه وتعالى فيدخلهم الجنة بغير عذاب. قال أصحاب هذا القول : ولا يمتنع أن يكون لهم غرة وتحجيل ، ويحتمل أن يكون ، كانوا في زمن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبعده ولكن عرفهم بالسيما. وقال الإمام الحافظ ابن عبد البر : كل من أحدث في الدين فهو من المطرودين عن الحوض كالخوارج والروافض وسائر أصحاب الأهواء. قال : وكذلك الظلمة المسرفون في الجور وطمس الحق والمعلنون بالكبائر قال : وكل هؤلاء يخاف عليهم أن يكونوا مما عنوا بهذا الخبر. انظر شرح صحيح مسلم للنووي (٣ / ١٣٦ ـ ١٣٧).