__________________
ـ التخصيص وأما قوله [فكأنما رآني] : فهو تشبيه ومعناه : أنه لو رآه في اليقظة لطابق ما رآه في المنام ، فيكون الأول حقّا وحقيقة ، والثاني حقّا وتمثيلا قال : وهذا كله إذا رآه على صورته المعروفة ، فإن رآه على خلاف صفته فهي أمثال ، فإن رآه مقبلا عليه مثلا فهو خير للرائي وفيه وعلى العكس فبالعكس. انظر / فتح الباري (١٢ / ٤٠٠ ـ ٤٠١). قال الشيخ النووي : قال القاضي : ويحتمل أن يكون قوله صلىاللهعليهوسلم ـ فقد رآني أو فقد رأى الحق فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي المراد به إذا رآه على صورته المعروفة له في حياته ، فإن رأى على خلافها كانت رؤيا تأويل لا رؤيا حقيقة. قال الشيخ النووي : وهذا الذي قاله القاضي ضعيف بل الصحيح أنه يراه حقيقة سواء كان على صفته المعروفة أو غيرها لما ذكره المازدي. انظر / شرح صحيح مسلم للنووي (١٥ / ٢٥). قال الحافظ ابن حجر : قال القرطبي : اختلف في معنى الحديث فقال قوم : هو على ظاهره فمن رآه في النوم رأى حقيقته كمن رآه في اليقظة سواء. قال : وهذا قول يدرك فساده بأوائل العقول ، ويلزم عليه أن لا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها وأن لا يراه رائيان في آن واحد في مكانين وأن يحيا الآن ويخرج من قبره ، ويمشي في الأسواق ويخاطب الناس ويخاطبوه ويلزم من ذلك أن يخلو قبره من جسده فلا يبقى من قبره فيه شيء فيزار مجرد القبر ويسلم على غائب لأنه جائز أن يرى في الليل والنهار مع اتصال الأوقات على حقيقته في غير قبره ، وهذه جهالات لا يلتزم بها من له أدنى مسكة من عقل. قال الحافظ : وقالت طائفة : معناه أن من رآه رآه على صورته التي كان عليها ، ويلزم منه أن من رآه على غير صفته أن تكون رؤياه من الأضغاث ، ومن المعلوم أنه يرى في القوم على حالة تخالف حالته في الدنيا من الأحوال اللائقة به ، وتقع تلك الرؤيا حقّا كما لو رؤي ملأ دارّا بجسمه مثلا فإنه يدل على امتلاء تلك الدار خيرّا. ولو تمكن الشيطان من التمثيل بشيء مما كان عليه أو ينسب إليه لعارض عموم قوله «فإن الشيطان لا يتمثل بي» ، فالأولى أن تنزه رؤياه ، وكذا رؤيا شيء منه أو مما ينسب إليه عن ذلك فهو أبلغ في الحرمة وأليق بالعصمة كما عصم من الشيطان في يقظته. قال : والصحيح في تأويل هذا الحديث أن مقصوده أن رؤيته في كل حالة ليست باطلة ، ولا أضغاثّا بل هي حق في نفسها. ولو رؤي على غير صورته فتصور تلك الصورة ليس من الشيطان بل هو من قبل الله وقال : وهذا قول القاضي أبي بكر بن الطيب وغيره ، ويؤيده قوله [فقد رأى الحق] أي رأى الحق الذي قصد إعلام الرائي به فإن كانت على ظاهرها وإلا سعى في تأويلها ولا يهمل أمرها لأنها إما بشرى بخير أو إنذار من شر ، إما ليخيف الرائي ، وإما لينزجر عنه وإما لينبّه على حكم يقع له في دينه أو دنياه. وقال ابن بطال : قوله [فسيراني في اليقظة] يريد تصديق تلك الرؤيا في اليقظة وصحتها وخروجها على الحق ، وليس المراد أنه يراه في الآخرة لأنه سيراه يوم القيامة في اليقظة فتراه جميع أمته من رآه في النوم ومن لم يره منهم. وقال ابن التين : المراد من آمن به في حياته ولم يره لكونه حينئذ غائبّا عنه فيكون بهذا مبشرّا لكل من آمن به ولم يره أنه لا بد أن يراه في اليقظة قبل موته قاله القزاز. وقال المازدي : إن كان المحفوظ [فكأنما رآني في اليقظة] فمعناه ظاهر وإن كان المحفوظ [فسيراني في اليقظة] احتمل أن يكون أراد أهل عصره ممن يهاجر إليه فإنه إذا رآه في المنام جعل ذلك علامة على أنه يراه بعد ذلك في اليقظة وأوحى الله بذلك إليه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ. وقال القاضي : وقيل معناه سيرى تأويل تلك الرؤيا في اليقظة وصحتها. وقيل : معنى الرؤيا في ـ