الشيطان» (١)(٢). وعنه من «رآني فقد رأى الحق» (٣)(٤). وعنه «من رآني فلن يدخل النار»
__________________
ـ اليقظة أنه سيراه في الآخرة. وتعقب : بأنه في الآخرة يراه جميع أمته من رآه في المنام ومن لم يره يعني فلا يبقى لخصوص رؤيته في المنام مزية. وأجاب القاضي عياض : باحتمال أن تكون رؤياه له في النوم على الصفة التي عرف بها ووصف عليها موجبة لتكرمته في الآخرة وأن يراه رؤية خاصة من القرب منه والشفاعة له بعلو الدرجة ونحو ذلك في الخصوصيات قال : ولا يبعد أن يعاقب الله بعض المذنبين في القيامة بمنع رؤية نبيه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ مدة. قال الحافظ ابن حجر : وحمله ابن أبي جمرة على محمل آخر : فذكر عن ابن عباس أو غيره أنه رأى النبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في النوم فبقي بعد أن استيقظ متفكرّا في هذا الحديث فدخل على بعض أمهات المؤمنين ولعلها خالته ميمونة فأخرجت له المرآة التي كانت للنبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فنظر فيها فرأى صورة النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ولم ير صورة نفسه ونقل عن جماعة من الصالحين أنهم رأوا النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في المنام ثم رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها فجاء الأمر كذلك. قال الحافظ : قلت : وهذا مشكل جدّا ولو حمل على ظاهره لكان هؤلاء صحابة ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة. ويعكر عليه أن جمعّا جمّا رأوه في المنام ثم لم يذكر واحد منهم أنهم رأوه في اليقظة وخبر الصادق لا يتخلف. قال : وقد اشتد إنكار القرطبي على من قال من رآه في المنام فقد رأى حقيقته ثم يراها كذلك في اليقظة قال : وقد تفطن ابن أبي جحوة لهذا فأحال بما قال على كرامات الأولياء فإن يكن كذلك تعين العدول عن العموم في كل داء ، ثم ذكر أنه عام في أهل التوفيق وأما غيرهم فعلى الاحتمال ، فإن خرق العادة قد يقع للزنديق بطريق الإملاء والإغواء كما يقع للصديق بطريق الكرامة والإكرام وإنما تحصل التفرقة بينهما باتباع الكتاب والسنة. قال الحافظ ابن حجر : وقال القرطبي : قد تقرر أن الذي يرى في المنام أمثلة للمرئيات لا أنفسها ، غير أن تلك الأمثلة تارة تقع مطابقة وتارة يقع معناها : فمن الأول : رؤياه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ عائشة وفيه «فإذا هي أنت» ، فأخبر أنه رأى في اليقظة ما رآه في نومه بعينه. ومن الثاني : رؤيا البقر التي تنحر والمقصود بالثاني التنبيه على معاني تلك الأمور. ومن فوائده رؤيته ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ تسكين شوق الرائي لكونه صادقا في محبته ليعمل على مشاهدته ، وإلى ذلك الإشارة بقوله [فسيراني في اليقظة] ، أي من رآني رؤية معظم لحرمتي ومشتاق إلى مشاهدتي وصل إلى رؤية محبوبة وظفر بكل مطلوبه. قال : ويجوز أن يكون مقصود تلك الرؤيا معنى صورته وهو دينه وشريعته ، فيعبر بحسب ما يراه الرائي من زيادة ونقصان أو إساءة وإحسان. انظر / فتح الباري (١٢ / ٤٠١ ـ ٤٠٢). شرح صحيح مسلم للنووي (١٥ / ٢٤ ـ ٢٥).
(١) قال الحافظ : قال المازري : اختلف المحققون في تأويل هذا الحديث فذهب القاضي أبو بكر بن الطيب إلى أن المراد بقوله [من رآني في المنام فقد رآني] أن رؤياه صحيحة لا تكون أضغاثّا ولا من تشبيهات الشيطان. قال : ويعضده قوله في بعض طرقه «فقد رأى الحق» قال وفي قوله [فإن الشيطان لا يتمثل بي] إشارة إلى أن رؤياه لا تكون أضغاثا. ثم قال المازري : وقال آخرون : بل الحديث محمول على ظاهره والمراد أن من رآه فقد أدركه ولا مانع يمنع من ذلك ولا عقل يحيله حتى يحتاج إلى صرف الكلام عن ظاهره ، وأما كونه قد يرى على غير صفته أو يرى في مكانين مختلفين معا فإن ذلك غلط في صفته وتخيل لها على غير ما هي عليه ، وقد ـ