__________________
ـ يطن بعض الخيالات مرئيات لكون ما يتخيل مرتبطّا بما يرى في العادة فتكون ذاته ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ مرئية وصفاته متخيلة غير مرئية ، والإدراك لا يشترط فيه تحديق البصر ولا قرب المسافة ، ولا كون المرئي ظاهرّا على الأرض أو مدفونّا ، وإنما يشترط كونه موجودا ، ولم يقم دليل على فناء جسمه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، بل جاء في الخبر الصحيح ما يدل على بقائه وتكون ثمرة اختلاف الصفات اختلاف الدلالات كما قال بعض علماء التعبير : إن من رآه شيخّا فهو عام سلم أو شابّا فهو عام حرب ، ويؤخذ من ذلك ما يتعلق بأقواله كما لو رآه أحد يأمره بقتل من لا يحل قتله فإن ذلك يحمل على الصفة المتخلية لا المرئية. انظر / فتح الباري (١٢ / ٤٠٣). قال الشيخ النووي : قال القاضي عياض : ويحتمل أن يكون قوله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فقد رآني أو فقد رأى الحق فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي» ، المراد به إذا رآه على صفته المعروفة له في حياته ، فإن رأى على خلافها كانت رؤيا تأويل لا رؤيا حقيقة. قال الشيخ النووي : وهذا الذي قاله القاضي ضعيف بل الصحيح أنه يراه حقيقة سواء كان على صفته المعروفة أو غيرها كما ذكره المازدي. انظر / شرح صحيح مسلم للنووي (١٥ / ٢٥). قال الحافظ ابن حجر : وهذا الذي ردّه الشيخ تقدم عن محمد بن سيرين إمام المعبرين اعتباره ، والذي قاله القاضي توسط حسن ، ويمكن الجمع بينه وبين ما قاله المازري بأن تكون رؤياه على الحالين حقيقة لكن إذا كان على صورته كأن يرى في المنام على ظاهره لا يحتاج إلى تعبير ، وإذا كان على غير صورته كان النقص من جهة الرائي لتخيله الصفة على غير ما هي عليه ، ويحتاج ما يراه في ذلك المنام إلى التعبير ، وعلى ذلك جرى علماء التعبير فقالوا : إذا قال الجاهل رأيت النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فإنه يسأل عن صفته فإن وافق الصفة المروية وإلا فلا يقبل منه ، وأشاروا إلى ما إذا رآه على هيئة تخالف هيئته مع أن الصورة كما هي ، فقال أبو سعد أحمد بن محمد بن نصر : من رأى نبيّا على حاله وهيئته فذلك دليل على صلاح الرائي وكمال جاهه وظفره بمن عاداه ، ومن رآه متغير الحال عابسا مثلا فذاك دال على سوء حال الرائي. قال الحافظ : ونحا الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة إلى ما اختاره النووي فقال بعد أن حكى الخلاف : ومنهم من قال : إن الشيطان لا يتصور على صورته أصلا ، فمن رآه في صورة حسنة فذاك حسن في دين الرائي وإن كان في جارحة من جوارحه شين أو يتصور على صورته أصلا فمن رآه في صورة حسنة فذاك حسن في دين الرائي وإن كان في جارحة من جوارحه شين أو نقص فذاك خلل في الرائي من جهة الدين. قال : وهذا هو الحق وقد جرب ذلك فوجد على هذا الأسلوب وبه تحصل الفائدة الكبرى في رؤياه حتى يتبين للرائي هل عنده خلل أو لا ... لأنه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ نوراني مثل المرآة الصقيلة ما كان في الناظر إليها من حسن أو غيره تصور فيها ، وهي في ذاتها على أحسن حال لا نقص فيها ، ولا شين ، وكذلك يقال في كلامه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في النوم أنه يعرض على سنته فما وافقها فهو حق ، وما خالفها فالخلل في سمع الرائي ، فرؤيا الذات الكريمة حق ، والخلل إنما هو في سمع الرائي أو بصره. قال : وهذا خبر ما سمعته في ذلك. انظر / فتح الباري (١٢ / ٤٠٣ ـ ٤٠٤). قال الشيخ النووي : قال القاضي : قال بعض العلماء : خصّ الله تعالى النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بأن رؤية الناس إياه صحيحة وكلها صدق ، ومنع الشيطان أن يتصور في خلقته لئلا يكذب على لسانه في النوم كما خرق الله تعالى العادة للأنبياء ـ