وكانت واسط تتألف من محلات. ومما ذكرته المراجع القديمة من أسماء تلك المحلات : محلة الأنباريين ، محلة الزيدية ، محلة الزبيدية ، محلة الرزازين ، المحلة الشرقية ، الحزّامون ، برجونية.
حافظت مدينة واسط على مقامها وعزها بين أخواتها من المدن العراقية. فلبثت معظم زمن الخلافة الأموية عاصمة العراق ومقر ولاته ، وبقيت طوال الحكم العباسي ذات منزلة مرموقة.
وقد أنجبت هذه المدينة على مر العصور ، جماعة من أعيان العلماء والأدباء ، وانشىء فيها كثير من المدارس.
وكانت واسط ذات زراعة حسنة ، نظرا الى وفرة مائها وخصب أرضها. أما تجارتها فكاتب رائجة ، يساعدها على ذلك موضعها الجغرافي الذي تتوسط فيه بين الكوفة والبصرة وبغداد والأهواز وبلاد الجبل.
وفي القرن الثاني للهجرة ، كانت مدينة واسط عامرة ذات مبان محكمة ، ولا سيما قصر الحجاج الذي لم يزل ماثلا الى الربع الأخير من هذا القرن والناس يسمّونه الخضراء.
وكانت واسط في القرنين الثالث والرابع ، مدينتين عظيمتين على شاطىء دجلة ، تحفّ بها البادية غربا بعد مزارع يسيرة.
وقد ازدهرت واسط في غضون القرن الخامس والسادس ، وبلغت فيها الحضارة مبلغها ، وراجت فيها سوق الأدب والعلم. ولكن تاريخها كان مليئا بالحوادث والفتن ، وتنازعها أمراء البطائح التي تبطّحت حولها منذ بداية القرن الخامس. فقد حدث بواسط خرق في أسفل كسكر ، فاستوسع ، واعورّت دجلة من عدة مواضع فأهملت وتكونت بطائح واسط.
وفي القرن الثامن للهجرة ، زارها الرحالة المغربي الشهير ابن بطوطة ، فوصفها بقوله : «حسنة الأقطار ، كثيرة البساتين والأشجار ، بها اعلام يهدي الخير شاهدهم ، وتهدي الاعتبار مشاهدهم. وأهلها من خيار أهل العراق ،