وإن راهبات دير لامارتوراناLa Martorana في بلرم (١) Palerme ، وأخريات غيرهن ، يتركن ذكريات لطيفة في ذاكرة كل المسافرين. وإن للرهبان اختصاصاتهم أيضا ؛ إذ يصنع كثير منهم ، كما هي حال رهبان دير غرونوبل الكبيرLa Grande ـ Chartreuse de Grenoble ، ماء ورد لا نظير له.
يقيم الشريف الأكبر في قصر يبعد نصف ساعة عن المدينة ، بناه في عمق الصحراء ، وكان لا يكاد يغادره. وأرسل لنا خيولا لتحملنا إليه. كان اسم حصاني" عسير" باسم المنطقة التي جلب منها ، وكان فحلا رائعا أسود اللون ، يشتعل حيوية ونشاطا ، وكان وديعا ، شأنه شأن الخيول العربية كلها ، ويستطيع الطفل ركوبه. أمّا السرج الذي كان مكسوا بالصوف الأزرق ، وموشى بخيوط ذهبية رفيعة ، حسب الطريقة التي يستخدمونها في إستانبول ، فقد كان ذا ثمن باهظ وروعة تليق بالأمراء حقا.
كان الجندي الانكشاري يسير في مقدمة الموكب ، وهو يحمل عصاه الطويلة ذات المقبض الفضي ، وكان يرافقنا عدد كبير من الحراس ؛ منهم الفارس والراجل. وكان سائس خيل الشريف يسير أمامي ، وهو يرتدي الثياب الخاصة بالمناسبة. إن لسائسي الخيول عند العرب منزلة عالية ، وتنحصر وظيفتهم الأساسية في الجري / ٢٤٢ / على أقدامهم أمام حصان السيد أو هجانه ، ومهما كانت سرعة الحصان أو الهجان
__________________
(١) بلرم ، بالرمو بالإيطالية : مدينة في جزيرة صقلية ، وهناك كنيسة تحمل اسم لامارتورانا تعود إلى القرن الثاني عشر الميلادي ، ورمّمت في القرن السابع عشر.