الفصل الحادي عشر
من الطائف إلى جدة
غادرنا الطائف في ٢ مارس (آذار) ، في الخامسة مساء ، للعودة إلى جدة ، وعبر طريق أخرى ، صالحة لسير الهجن في كل مراحلها ، وهي تنحرف عن مكة المكرمة أكثر من الطريق الأولى. كان يوم السفر يوم خميس أيضا ، وهو أكثر أيام الأسبوع مناسبة للسفر كما ذكرت سابقا. كانت قافلتنا / ٢٦٧ / كما في القدوم : الهجن نفسها ، والأرحل نفسها ، والمرافقة نفسها ، ولم يكن ينقصها إلّا العبد أبو سلاسي الذي لم نكن راضين عن تصرفاته. ويبدو أنه شكي للشريف الأكبر فأبعده عن الطائف خلال وجودنا فيها ، واستبدل به في العودة عبدين آخرين من خدمه هما : علي ومرزوق ، وكانا مختلفين كل الاختلاف عن أبي سلاسي ، وكانا طوال الرحلة يتسابقان لأداء الخدمات ، وإشاعة البشاشة والابتهاج. وكان الشريف حامد ورئيس الجمالة أحمد حمودي قد عادا إلى وظيفتهما بمرافقتنا.
وانضم إلينا شريفان آخران لحظة الانطلاق ، أحدهما أرسله الشريف الأكبر لمصالحة قبيلتين في حالة حرب ، والآخر اسمه عبد المطلب ، وهو عجوز عمره ٧٥ عاما كان عائدا إلى بيته في وادي فاطمة (١) الذي كان ينبغي علينا عبوره. كانا
__________________
(١) يقع وادي فاطمة شرقي جدة ، ويبعد عنها قرابة ٦٠ كيلومترا ، كما يبعد عن مكة المكرمة حوالي ٢٥ مترا. وفيه أملاك كثير من الأشراف. وفي معجم أودية الجزيرة لعبد الله بن خميس أن اسمه القديم : مرّ الظّهران ، وهو واد من السفوح الغربية للسراة غرب الطائف ... ويسمّى عند أبي حصاني وادي (فاطمة) نسبة إلى فاطمة زوجة بركات بن أبي نميّ أو أمه أو نحوه ، ويسمى الوادي أيضا وادي (الشريف) نسبة إلى الشريف ـ