الفصل الثالث الطور (١)
أبحرنا يوم الحادي والعشرين من يناير (كانون الثاني) في الساعة الثانية ، ونشرت الأشرعة بعد ذلك بقليل ، ولكن إبحارنا لم يدم إلا فترة بسيطة ، لأننا ألقينا المراسي في الساعة الرابعة عند سفح جبل أبو دراج (٢) لقضاء الليلة هناك ، مع أن البحر كان هادئا ، والريح مؤاتية ، ولم يكن هناك ما يمنع مواصلة الإبحار. ولكن مراكب البحر الأحمر لا تمخر عباب البحر إلّا في النهار (٣) ، ناهيك عن أننا كنا على مسافة قريبة من بركة فرعون (٤) ، وهو اسم يطلقه العرب / ٣٤ / على مكان هلاكه ، ويظنون أنه ، منذ ذلك ، مسكون بجان أشرار : لذلك لا يخاطر البحارة بقطع تلك اللجة الضحلة ليلا ، إنهم يفعلون ذلك بصعوبة في وضح النهار ، ولا يفعلونه إلّا بعد أن يصالحوا الأرواح الشريرة بأن يقوموا بممارسات خرافية.
__________________
(١) وسميت بالطور نسبة إلى طور سيناء الذي هو أشهر جبالها ... ، وكانت تسمى قديما" ريثو" وبقيت معروفة بهذا الاسم إلى القرن الخامس الميلادي. انظر : تاريخ سيناء ... ، موثق سابقا ، ص ١٣٣. وتحدث عنها بيرتون في رحلته ، موثق سابقا ، ج ١ ، ص ١٦٥ ـ ١٦٧.
(٢) كتبها ديدييه : Mont Abou d Anadj ، ولعل الصواب ما أثبتناه في الأصل ، انظر : رحلة بيرتون ، موثق سابقا ، ج ١ ، ص ١٣٢. وكتبت في الترجمة الإنجليزية لرحلة ديدييه ، موثق سابقا ، ص ١٨ ، Abu Anaj ولعل ما ذكرناه هو الصواب.
(٣) انظر : رحلات في شبه جزيرة العرب ، بوركهارت ، ترجمة د. عبد العزيز الهلابي ود. عبد الرحمن عبد الله الشيخ ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ١٤١٣ ه / ١٩٩٢ م ، ص ٣٩٠ ـ ٣٩١. وسنشير إليها ب" رحلات بور كهارت ...". وانظر : رحلة بيرتون ، موثق سابقا ، ج ١ ، ص ١٦٠.
(٤) انظر : رحلة بيرتون ، موثق سابقا ، ج ١ ، ص ١٦٣ ، ١٦٥.