إننا هنا في قلب الذكريات الموسوية. فهناك غير بعيد على الأرض حمام طبيعي يحمل اسم نبي بني إسرائيل ؛ حمام سيدنا موسى (١) ، وقد تركنا وراءنا عينا مشهورة تحمل اسمه أيضا. عيون موسى (٢) ، وتبدو بيضاء اللون على الشاطئ في وسط أشجار النخيل. ومن هذه العيون تتزود مدينة السويس بماء الشرب كما ذكرنا سابقا. وهو مكان يقصده المسافرون. لقد زارها نابليون بونابرت نفسه إبّان إقامته في مصر ، دون أن يمضي في التقصي أبعد من ذلك. ويروى أنه فوجئ خلال عودته بالمدّ ، وتعرّض لخطر حقيقي عندما غمر الماء حصانه حتى بطنه ، ولم ينج من هذه العثرة إلّا بمساعدة البدو الذين سارعوا إلى مساعدته. لنفترض أن إمبراطور المستقبل هلك هنا ، ولنتصور التغيير الذي كان سيحدث في مصير العالم! يا له من مجال مفتوح لتخمينات (٣)! وينتصب في مقابل عين موسى تقريبا ، على الجانب المواجه جبل
__________________
(١) ويقع في جبل صغير على خليج السويس على أربعة أميال من مدينة الطور فيه سبعة ينابيع كبريتية ... وبقرب هذا الجبل ميناء" أبو صويرة" ، انظر : تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها ، نعوم بك شقير ، دار الجيل ، بيروت ١٤١١ ه / ١٩٩١ م ، ص ٣٤. وسنشير إليه ب" تاريخ سيناء ...".
(٢) عيون موسى : وهناك ميناء على ثمانية أميال من السويس ، فيه محجر صحي قديم ، انظر : تاريخ سيناء ... ص ١٥. وانظر : رحلة بيرتون ، موثق سابقا ، ج ١ ، ص ١٦٦ ـ ١٦٧.
(٣) جاء في كتاب : الحملة الفرنسية في مصر ، بونابرت والإسلام ، هنري لورنس وآخرون ، ترجمة بشير السباعي ، سينا للنشر ، القاهرة ١٩٩٥ ، ص ٣٠٨ : " وفي السويس ، يتحدث بونابرت مع قباطنة سفن البحر الأحمر ، وهو يبشر آنذاك باستئناف ـ