عتاقة (١) ، كأنه عملاق من الحجارة شهد منذ أكثر من أربعين قرنا مرور رهط من المصريين على سفوحه ، وعلى رأسهم فرعون / ٣٥ / يطاردون بني إسرائيل.
كانت الليلة جميلة صافية ، ولم يعكر صفو الهدوء إلا أصوات الأمواج التي تتكسر على جانب المركب الراسي. وكان القمر يلقي على جبال الشاطئين ضوءا خافتا. كنت أرى تلك الجبال يكسوها الضباب ، ولكنها بادية للعيان ، وخلفيتها السماء المزينة بالنجوم ، منها ما ينتمي إلى آسيا ، ومنها ما ينتمي إلى إفريقيا ، وقد جال بخاطري بانفعال ، وأنا أراها ، أنني هنا معلق ، إن صح القول ، بين عالمين ؛ إفريقيا التي أبتعد عنها ، لأعود إليها قريبا ، وآسيا الشاعرية التي تطؤها قدماي أول مرة.
يفصل بين العالمين خليج ضيق ، يبدوان كأن كلا منهما يحدق بالآخر ، كعدوين جاهزين ، لأن يلقي أحدهما بنفسه على الآخر. ولكن قوة التوسع وروح الغزو التي
__________________
ـ العلاقات التجارية خاصة مع الحجاز. والحادث المهم الوحيد هو أن القائد وعددا من رفاقه الذين يضلون طريقهم خلال ليلة ٢٨ ديسمبر ، يفلتون بصعوبة من الغرق ، حيث يصعد مد البحر بسرعة بالغة في تلك المنطقة. وهو يشير بنفسه إلى أن ذلك كان من شأنه أن يمثل موضوعا جد رائع لموعظة تدور حول فكرة فرعون جديد ...".
(١) قال بيرتون في رحلته (الترجمة العربية) ، موثق سابقا ، ج ١ ، ص ١٦١ : " ... وعند غروب الشمس رسونا ـ ولا زالت السويس على مرأى منا ـ تحت جبل عتاقة متخذين منه ملاذا يحجب الريح عنا ، وعلى الساحل الشرقي كانت توجد قلة من بساتين النخيل متجمعة حول (عيون موسى) أما في الغرب فيقع بين ـ حيدين برجيين ـ مصب وادي (مسيل) الطوارق أو وادي موسى أو وادي البادية الذي خرج منه بنو إسرائيل إلى البحر البردي Sedge The Sea of وفقا لما يقوله الأب سيكاردSicard.