تنتج عنها ينتميان إلى آسيا ، وقد دفعاها إلى مد سلطتها خارج حدودها في عصور التاريخ المختلفة ، وجعلاها في الماضي تؤدي دورا رائعا.
أما إفريقيا فهي على العكس عنصر المقاومة والثبات : مع بعض الاستثناءات المعدودة ، القرطاجيون على سبيل المثال الذين امتدت سلطتهم بعيدا ، وحدثتهم أنفسهم في لحظة بالاستيلاء على ثروة روما ، علما بأنهم من أصل فينيقي ؛ أي آسيوي ، ولم تواجه إفريقيا / ٣٦ / الغزاة الخارجيين إلا بمقاومة سلبية ، تحولت بعد ذلك إلى مقاومة يخشاها الأعداء ، ولا يمكن في الغالب قهرها بسبب الظروف الطبيعية للأرض والطقس. كانت هاتان القارتان الغامضتان تقبعان هنا أمامي ، وكأنهما أكبر مشكلتين تعترضان دراسات الباحثين ، وتأملات المفكرين. إحدى المشكلتين ، أعني آسيا ، كاد العلماء من زمن يصلون إلى حل نصف أسرارها ، ويمكن أن نتوقع حلّ مشكلتها كليا في المستقبل القريب جدا. في حين أننا لا نكاد نلمح التخوم الأولية للمشكلة الثانية ، إفريقيا التي استعصت حتى اليوم على الجهود المتعاضدة للعلم والحرب والتجارة. وإن أكثر الرحلات الاستكشافية تخطيطا ، التي نفذت بشجاعة فائقة لم تشتهر إلّا بالمصائب التي آلت إليها! فكل عام يشهد هلاك واحد من أولئك الباحثين الشجعان ، أما أولئك الذين يعودون ؛ فإنهم يعودون بخفي حنين ، وإن القضية ، التي يذهبون من أجلها تظل بعد عودتهم بكرا كما كانت عليه عند انطلاقهم. وليس علينا إلّا أن نلقي نظرة على أحدث الخرائط وأكملها لهذه