ولقد مر بنا أن القس المحترم (روبرت هول) كان قد قدم المستر ريج للسير (ج. جيمس ماكنتوش) بصورة خاصة في الوقت الذي كان يتوقع أن يسافر معه إلى الهند بنفس الأسطول. فلما تغيرت وجهه المستر ريج ، أتيح له قبل إقلاعه في السفينة (هندستان) بمدة وجيزة أن يزور السير (جيمس) في مقره يومئذ في (رايد) انتظارا للإقلاع إلى الهند. وقد نشأت بين الاثنين مناسبات حتى إن المستر ريج أقام عنده عند وصوله إلى (بومباي). أما نتيجة هذه العلاقة فيمكن استخلاصها من عبارات السير (جيمس) نفسه في رسالة بعث بها إلى أحد أصدقائه :
«لعلك تتذكر ما كنت قد طالعته في الصحف في سنة ١٨٠٣ أن المستر باري مدير إدارة الشركة الحالي كان قد أسند منصب كاتب تحريرات إلى شاب يدعى ريج لمجرد تقرير قدمه إليه المستر (ويلكنس) عن براعته العجيبة باللغات الشرقية ، لا لغرض خاص أو لمجرد معرفة شخصية. وقد سافر هذا الشاب كمعاون للمستر (لوك) الذي كان قد عين قنصلا في الإسكندرية ، ومنذ أن توفي هذا ، سافر المستر ريج في معظم أنحاء آسيا التركية باتجاهات عديدة ، وهو مجهز بقلمه وبعين فنان وبالشخصية والشجاعة اللتين يحتاج إليهما المسافر في بلاد «بربرية».
فلقد اكتسب من البراعة بلغات الشرق وعاداته قدرا ، بحيث تنكر بزي تركي من كرجستان وأقام بدمشق عدة أسابيع بين الألوف المؤلفة من الحجاج الذين كانوا بطريقهم إلى مكة ، دون أن يرتاب به أشد المتعصبين المسلمين يقظة وشراسة.
وقد قدمه إلى صديقي المستر (هول) وتلقيت رسائل عديدة منه ، فدعوته لزيارتي في بيتي فأقام معنا عند وصوله هذه الجزيرة (بومباي) في أوائل أيلول سنة ١٨٠٧.
ولقد وجدنا فيه أكثر مما كنا نتوقع ، وشعرنا بأن اطلاعه العجيب على العلوم الشرقية لا يمثل إلا جانبا صغيرا من مؤهلاته. فقد وجدته