حكومات الباشوات عثمان وعبد الرحمن ومحمود ، وقد أخبرني بأنه يتوقع أن يخلفه ولده في منصبه ، و «السلاحدار» أو (حامل السيف) الحالي صبي ، ينوب عنه في أداء واجبه أحد الرجال حتى يبلغ أشده ، وهذا الوصي يزاول عنه قوانين ـ سلطة ـ ذلك المنصب الذي ورثه الصبي من والده. ولو عم السلام هذه البلاد ، وأخذت فيها الوراثة مجراها الطبيعي ، لازدهرت ازدهارا سريعا.
وبعد الظهر التحقت بجماعة مصرف في خيمة منصوبة في فسحة أمام داره. وكان أكثر وجهاء السليمانية حاضرين هناك. وبعد برهة انضم إلينا كيخسرو بك وقد دخل الخيمة متثاقلا في مشيته ، أو بالأحرى جاءنا متباطئا شارد النظرات وكان كلامه متقطعا بلغة لم يسعني فهمها وإن أصبحت الآن أفهم اللهجة السليمانية فهما لا بأس به. وكان لدى كيخسرو بك دورق بارود إنكليزي صغير لم يستطع فهم آليته ، فطلب مني أن أوضح له طريقة استعماله. وقد لاحظت أن الكرد يطلقون كلمة (ده رمان) الدواء على البارود ، وهذا تعبير في محله. وشاهدنا بعدئذ كالمعتاد عراك الحجل ، ولا شك أن كفاية هذه الطيور الصغيرة وجرأتها وذكاءها من الأمور التي تدعو إلى العجب. وكما ذكرت سابقا إن ما تنشده هذه الطيور في العراك هو مسك غرمائها من رقابها ، مسكة قوية كمسكة الكلب الأفطس (بوول دوك) ثم الطيران بها وبطحها على الأرض ، وتؤلف هذه المداورة ـ المناورة ـ متعة العراك. لقد خاب أحد الطيور مرارا عديدة في هجماته ، وبحملة غاضبة نقر جناحه مخطئا فأمسك به مسكة قوية صعب معها حمله على التخلي عنها ؛ وهكذا علم أنه أخطأ الهدف.
وعند رجوعي إلى الدار أرسل إلي مصرف جوادا هدية منه. وقد أمر الكردي الذي أتاني به أن لا يقبل مني أي عطية ، ولكننا أمسكناه بقوة وإلحاح فخلعت عليه ، ومن المضحك رؤية وحشي أشعث ذي قامة طولها ستة أقدام ، يرفض باكيا قبول هدية تعطى إليه على الرغم من إرادته ، وقد