التي تهب في إيطاليا وهي تثير الهلع في نفوس السليمانيين لشدتها ، وتأثيرها السيئ في الراحة والنشاط. والأمر العجيب غاية العجب في هذه الريح ، الذي لم أستطع حتى الآن رده إلى أي سبب كان وإن أكده لي جميع أهل هذه البلاد ، هو انعدام أثرها بعد ساعتين في أي اتجاه كان من السليمانية.
٣٠ أيار :
جلست ساعة مع الباشا صباح اليوم ، وقد ألح للظفر بوعد مني بزيارة السليمانية كل عام ، قائلا : إنه سيشيد لي دارا مريحة إن فعلت ذلك. وكان من المتوقع أن يصل السليمانية بعد الغد أخوه الجبان حسن بك ومعه دفتردار بغداد السابق رستم أفندي (١) حاملا خلعة لمحمود باشا. وقد اتخذت التدابير لاستقبال الخلعة.
وفي المساء تناولت العشاء مع عثمان بك ، وقد دعا جميع وجوه المدينة البالغ عددهم أربعة عشر شخصا لمقابلتي ، وكان العشاء عشاء فاخرا حقّا وقد قدم على الطريقة الإيرانية كما كان الأمر في عشاء الباشا ، على موائد مستطيلة يسمون الواحدة منها (خوان جه Khuwan ـ che) حيث صفت الصحون. وقد تناولنا عشاءنا خارجا على أرض معشوشبة أمام الدار. وقد جلست والبك إلى مائدة في صدر المكان ، وجلس الآخرون وراء موائد وضعت على الجانبين. وجاء كيخسرو بك متمهلا بعد أن بدأنا بالأكل واعتذر متمتما ببعض الكلمات غير المفهومة ، ثم جلس فورا في صدر إحدى الموائد الجانبية وراح يأكل اللحوم بشهية ظاهرة. والكرد ، كالإيرانيين ، يأكلون بتؤدة ويتحدثون خلال الأكل ، ويطول وقت الطعام عندهم كما يطول عندنا. وهم ينفرون من طريقة الأتراك في التهام
__________________
ـ انتهت الحاشية ـ والصحيح (ره شه با) أي ـ الريح السوداء ـ المترجم.
(١) أي ناظر الخزينة.