لهذه الصفقة أضيف إلى ما جاء في أعلاه أن أحد ضباط محمود باشا كان قبل اثني عشر شهرا تقريبا يفاوض داود باشا في بعض الشؤون ، وبعد أن أظهر داود باشا بعض التعنت نزل في الظاهر عند رغبة الرئيس الكردي وقال لرسوله : «أقسم بالله وبرأس ولدي يوسف ، أنني أعتبر محمود باشا كولدي يوسف ، وأنني أحبه محبة الوالد لابنه ، وأن مصالحه أدنى ما تكون إلى قلبي» ، ولكنه كان قد صح منه العزم على مناوأة محمود باشا وكان في الوقت ذاته منهمكا في مراسلاته السرية مع حسن بك التي كان يستهدف بها خيانة الرجل «الذي يعتبره كولده يوسف» والقضاء عليه. إن هذه قصة لا شك فيها ، وهي إحدى القصص العديدة المتشابهة التي يمكنني روايتها عن داود باشا والتي تكاد تنطبق على جميع الرؤساء الأتراك الذين عرفتهم.
لقد بدأ عثمان بك وكثير من شبان الكرد الجريئين يتمرنون منذ يومين على تمارين السيف ، لعرضها عليّ غدا. لقد كان موعد إقامة الحفلة مساء اليوم ، ولكنها أجلت من جراء زيارتي الباشا.
٣ حزيران :
ذهبت صباح اليوم للترحيب بمقدم رستم أفندي إلى السليمانية ، وفي العصر اجتمعت زمرة السيافة في داري. لقد علقوا بحبل رزمة من اللبد ذات أربعين طية بعد نقعها بالماء وصال عثمان بك الصولة الأولى وبضربة سهلة شطر الرزمة شطرين فأعقبه حسن بك وهو شاب أنيس فقصم الرزمة أيضا ، ثم جاء عزيز آغا فنجح كقرينه. ثم علقوا رزمة أخرى ففشل عثمان بك في ضربته وإن لم يبق من طيات اللباد إلا على اثنين أو ثلاث ، وفشل أيضا كل من عزيز آغا وسليمان بك. ثم صال عثمان بك صولة أخرى إلا أنه كان في هذه المرة مهتاجا وإذا بنتيجة صولته الثالثة أسوأ من نتيجة الثانية. ثم تقدم عزيز آغا بلفة مقطوعة من اللبد فبسطها