١٩ تموز :
كان الليل قارص البرد ، وفي الرابعة إلا ربعا سرنا ممتطين الجياد ، وبعد بضع دقائق اجتزنا الوادي الصغير الذي يضم قرية (دوله دريز) وكان الاتجاه العام لمسيرنا شرقيّا ينحرف إلى الجنوب قليلا ، إلا أننا التففنا كثيرا حول جوانب التلال ونحن في صعود ، وكان الطريق جميلا حقّا تتخلله أشجار البلوط وهي في هذا المكان كبيرة جدّا ، ومتداخلة مع أشجار السماق والصفصاف والكروم البرية والجميز (١) ولم نكن قد ابتعدنا كثيرا حتى مررنا بفتح الله آغا (ايشيق آغاسي) أو رئيس تشريفات محمود باشا في عودته من (سنه). وكان طريقنا الذي نسير عليه هو الطريق الرئيسي المؤدي إليها ، ثم بعد مسيرة قصيرة التقينا بضابط من ضباط خالد بك هو كبير المنطقة التي نقصدها وكان على رأس جماعة من حاملي البندقيات ، جاء لاستقبالنا. وكان من الجلي أن هذا الضابط الذي لا يتكلم التركية ، قد تهيأ ليجيب بها على أسئلة حسب أنني سأوجهها إليه ، ولكنني لسوء حظه لم أوجهها بالترتيب الذي كان يتوقعه ، مما أدى ذلك إلى سوء فهم مضحك جدّا. وكان سؤالي الأول له هو «كم بقي لنا من الطريق؟» فأجابني «ذهب قبل الأمس إلى السليمانية» ظانّا أنني سألته عن سيده.
وبعد قليل شرعنا في صعود ناهد جدّا ، أعتقد أنه كان أعلى وأوعر الانحدارات التي شاهدتها حتى الآن ، ولكن الطريق كان جيدا الجودة كلها. وقد وصلنا القمة في السادسة بعد أن استغرق الصعود أربعين دقيقة تقريبا منها ثلاثون دقيقة قضيناها في تسلق متعب يكاد أن يكون عموديّا.
وهنا بان لنا (كازاو) في اتجاه الغرب وقد شمخ (غودرون) برأسه
__________________
(١) لا يوجد جميزSycamore في هذه المنطقة من كردستان ، ولا شك في أن المستر ريج قصد التين البري ـ المترجم.