الصخري الأجرد على جميع الجبال الأخرى باتجاه ٦٥ درجة شمالية غربية. ثم بدأنا فورا في الهبوط بطريق من أحسن الطرق وأجملها ، يخترق غابة كثيفة من أشجار البلوط اختراقا متمعجا ، ولم يكن ناهدا ، كما هو في الصعود. وكان منظر السهل من الأعلى بديعا ، إذ يلتوي بين تلال جميلة الشكل تكسوها أشجار البلوط القصيرة ، وإلى الوراء منه تقع جبال إيران المرتفعة ، وكان لهذه الجبال أيضا منظرها البهيج البهي. وكان نهر (قزلجة) يتعرج في السهل ثم يسيل في واد عن يسارنا يتجه اتجاها شماليّا فيمر في منطقة (سي وه يل) ليصب في (كوبري صو) ، أما منبعه ففي سفوح الجبال الإيرانية (١) وفي نحو أربعين دقيقة بلغنا أسفل الجبل الذي يتجه شمالا وجنوبا تقريبا. والطريق عند هذا المكان ينشطر إلى شطرين يتجه الأيسر منهما اتجاها شماليّا شرقيّا إلى (بيستان) حاضرة منطقة (قزلجة) التي تبعد عنا حوالي مسافة ساعتين ، أما الأيمن فيتجه جنوبا إلى (أحمد كلوان) وهو المكان المقترح لإقامتنا.
وعند قاعدة الجبل التقينا بولدي خالد بك وهما على رأس حرسه ، وعددهم مائتا فارس بكامل سلاحهم ، ويتقدمهم بعض العرفاء بعصيهم المفضضة وطبولهم الصغيرة التي تدل على رتبة الرئيس ـ و (قزلجة) «سنجاق» أو لواء من ألوية الإمبراطورية العثمانية. وعند التقاء هذه الكتيبة مع جماعتنا قامت جلبة وضوضاء وأصوات لا يدرك مغزاها إلا من نال شرف الاستقبال. أما الخيل فحيوانات لا تعرف للاستقبال معنى ، إذ استاءت جيادنا من تلك الخيول الغريبة التي اختلطت بها ، واغتاظت هذه بدورها. والخيول الكردية كلها شرسة ، سريعة الاهتياج ، وذلك مما جعل المشهد كله مشهد شهيق وصهيل وصراخ وخبط وترافس وعراك. وقد حاول البك الشاب التفوه بكلمات الترحيب بي بالفارسية ، غير أني
__________________
(١) وأما منبع (كوبري صو) ففي (لاجان).