مناخا ، حيث نتمكن من الإقامة فيها بضعة أيام لنسترجع قوانا لاستئناف رحلتنا في بقاع كردستان التي قد تبلغ (سنه). وعلاوة على ما أنا مصاب به من حمى ، فقد التهبت عيني اليمنى وأخذت تؤلمني كثيرا مما جعلت الكتابة عليّ أمرا موجعا ، بل ومنعتني منعا باتّا من مواصلة مشاهداتي.
ومن حسن الحظ أن التهاب عيني اعتراني بعد كسوف تابع المشتري الأول ، إذ تمكنت من تصحيح خط طول (بيستان).
١٣ آب :
غادرنا (بيستان) في الخامسة من صباح اليوم ، وبعد أن قطعنا ، ونحن على ظهور الجياد ، سهل (تاتان) أو (بيستان) اجتزنا التلال التي تحيط به وهبطنا السهل الذي يتقدم أحمد كلوان أو سهل نهر قزلجة (١) وبعد اجتيازه وصلنا قرية (بنجوين) الجميلة في التاسعة ، بعد تأخر ربع ساعة في الطريق. وكان سيرنا سيرا بطيئا. لقد بلغت شدة مرضي ، والتهاب عيني درجة لم تمنعني عن مشاهدة الشيء الكثير فحسب بل تعذّر عليّ بها تدوين مذكراتي حتى لو قدر لي أن أشاهد شيئا.
قضينا اليوم ونحن نمر بين قوافل العشائر الرحالة ، أو بين المضارب الصغيرة لعشائر الجاف الكردية ، الذين حطوا في هذه البقاع الآن قبل رحيلهم إلى شهرزور. ولقد أسفت غاية الأسف لحرماني من التمتع بمنظرهم ، الذي كان في الحقيقة مؤنسا بهيجا. كانت خيامهم وأمتعتهم مرزومة رزما منتظما ، ومحملة تحميلا مرتبا فوق الثيران والأبقار. ويبدو أن استخدام هذه الحيوانات في الحمل من الأمور الخاصة بالقوم الكردي. وإنني أتذكر أيضا مشاهدتي لمثل هذه العادة بين كرد (رشوان) في آسيا الصغرى ، ـ وأعاد الجاف إليّ ذكرى هؤلاء. ويسير
__________________
(١) يوجد ابن آوى في سهل (قزلجة) و (شهرزور) فقط ، دون الأقسام التالية.