أعيدت من الجبال ورجع إليها الهدوء غير أنه لم يستطع أحد إقناعها على ارتداء الثياب ، وقد تذهب أحيانا إلى السليمانية فتسير في أزقتها عارية كما ولدت.
وفي هذا الكفاية مما أدونه عن رحلتي في مضارب الجاف ، هذا وقد كنت مضطرا ، للعناية بصحتي وراحتي ، على إيجاز مذكراتي قدر المستطاع والاقتصار على بيان الحوادث الرئيسية منها ، إذ بالإضافة إلى الالتهاب الذي أصاب عيني كنت أتألم ألما شديدا من الأوجاع التي أشعر بها في قفا رأسي منذ أن أصبت بالحمى ، وكثرة الكتابة تزيد في اضطرابي وأوجاعي على الدوام.
٢١ آب :
ودعت مضيفنا الكريم ـ الذي لا أنسى كرمه البريء مطلقا ـ في الخامسة والنصف ، وسرنا في الوادي المتكوّن من امتداد تل (مه ريوان) في الجنوب ، وتلال (زه ري بار) في الشمال باتجاه عام جاء ذكره في مذكرات أمس ، وهو شمالي شرقي ب (٨٥) درجة. وما كان طريقنا مستقيما بل استدار قليلا ، وعند نهايته اجتزنا سلسلة تلال صغيرة ووصلنا في السابعة والنصف إلى (كووزه خوره) «ومعنى ذلك شجرة الجوز المعطوبة» وهي قرية صغيرة في وهد ضيق. وفي الوادي الذي مررنا به وقعت المعركة ـ إذا صح التعبير عنها بذلك ، إذ استغرقت عشر دقائق ـ التي أسر فيها عبد الرحمن باشا الزعيم الكردي ، سليمان باشا كهية بغداد حينذاك مع القسم الأعظم من جيشه في الحملة الهوجاء التي شنّها ، باشا بغداد على الإيرانيين. لقد كانت سفرتي اليوم شاقة جدّا لاضطراب عيني ، إذ كان مسيرنا باتجاه الشمس تماما. إن البيوت أو بالأحرى الأكواخ في (كووزه خوره) مسقفة تسقيفا غير منسق بقصب طويل يستند على جسر محدب ويتدلى على الجانبين من البيت ، والسقف بكامله