مرتفع ضيق. لقد سكنا كوخا من أحسن الأكواخ التي وصفناها وأظنه كان مسجد القرية. والبيوت كلها مفصولة عن بعضها بسياجات من الأغصان المشبكة ؛ وإنها لقرية تعسة وإن سكنها الشيخ كريم أحد نائبي المنطقة الاثنين ، وهو رجل مؤدب يرتدي كسوة على الطراز الباباني ، لا الإيراني. وقد أودعت رجلين من رجالي تحت رعايته لعجزهما عن مواصلة السفر لشدة مرضهما ، ـ وقد مات أحدهما بعد ذلك بقليل والتحق بي الآخر في (بانه).
٢٢ آب :
تحركنا في الخامسة وسرنا في أرض تلية مكشوفة حتى السادسة ، فوصلنا مدخل واد ضيق بين جرفين هدودين جدّا وقد شمخا برأسيهما الأجردين من فوق أشجار البلوط النابتة على حدودهما. ويسيل نهر عصر آباد أو (كه رران) في المضيق ، يمتد فوقه جسر منتظم على ثلاث قناطر ، شيده أمان الله خان والي (سنه) الحالي. وكنا في طريقنا منذ مغادرتنا القرية في صعود هين فبدأنا الآن نرتقي ارتقاء محسوسا ، ونهر (عصر آباد) عن يسارنا على مسافة نحو ميل ، ويصب هذا في (ديالى). وكان اتجاهنا إلى الجسر شماليّا غربيّا بسبعين درجة ، ومنه جنوبيّا شرقيّا بسبعين درجة. وكان الطريق على غاية من الجمال يمر بين غابات السنديان والدردار والكمثري البرية والكروم والصنار ، وكانت تكسو التلال حتى قممها ، وقد شاهدنا من بينها أشجار الزعرور والأزهار البرية البالغة ، ومما زاد في روعة المنظر حيوية سير جماعة كبيرة من عشيرة الجاف نحو سهول (زه ري بار) بعوائلها وأغنامها وقد حملوا أمتعتهم على ظهور الثيران ، وكان الأطفال في مهود على ظهور النساء ، أما الصبيان فقد أركب كل اثنين أو ثلاثة منهم سويّا على ظهر فرس أو ثور. وكان هناك الكثير من النسوة المسترجلات ـ وهنّ في فرح ونشوة ـ يسرن سوية بين النساء