حتى مدخل القلعة أو القصر ، فوجدنا الحرس في انتظارنا لتحيينا. ويتألف هذا الحرس من قرابة مائة آورامي مسلح بالبندقيات ، أنيط بهم شرف حراسة القصر ، وكانوا رجالا غريبي المظهر ـ لا تبدو عليهم السحنة القبلية ـ يرتدون ملابس صوفية خشنة بيضاء على طراز يشبه الطراز الإيراني بعض الشبه وعلى رؤوسهم قبعات غريبة الشكل من اللبد الأسود مدببة القمة ، تنتهي عند الأسفل بذوائب طويلة دقيقة أشبه شيء بالعناكب (١) ، وكانوا متكئين على بندقياتهم الطويلة وهم يتفرسون فينا ونحن نمر بهم.
أدخلنا من فناء إلى غرفة واسعة على شرفة تطل على المدينة ، وبعد مرور بضع دقائق جاء الخان الصغير وهو طفل جميل في التاسعة أو العاشرة من عمره ، إلا أن رزانته ووقار مظهره كانا أكثر مما يتحلى به طفل في سنه ؛ ويبدو أنه قد تظاهر بذلك بهذه المناسبة. وقام عناية الله بك ، الذي لف شالا حول قبعته على الطريقة المتبعة في القصر بدور رئيس التشريفات والناطق بلسان الخان ، أما ميرزا فرج الله فقد وقف إلى جانب ابن أخته وكان كل من يدخل الغرفة من الخدم أو غيرهم يحييّ الأمير الصغير بانحناءة لا رشاقة فيها ، ولكنه لم يهتم بأي منهم.
هيئت القهوة والشرابات وأطباق الحلوى ، وقدم لي الخان الصغير بيده القهوة والشرابات. وقد لاحظت أن الإيرانيين كافة يأكلون الحلوى
__________________
(١) راجع اللوح ، ـ انتهت الحاشية. ولم تكن هذه القبعات بغريبة على الجيوش الشرقية السالفة ، لقد تفنن الإنكشاريون في الجيش العثماني تفننا طريفا في لباس الرأس ، والقيافة ، وقد أصبح لكل ذي رتبة أو منصب أو صنف من صنوف الجيش قبعة خاصة وقبعة جنود مدفعية القوس في الجيش الإنكشاري الذين كانوا يسمونهم «خمبره جي» ـ أي رماة القنابر ـ تشابه هذه القبعة ، وإليك الرسم ـ المترجم.