الغضب جعلاني أعتقد أنه كان رئيسا مخيفا ، وإن لم أسمع ما سمعت عنه من قبل. وفي الواقع إن كل ما سمعته عنه ليؤيد لي بأنه رجل غاشم حقود ظالم ، فقد كان الجلد من الأعمال اليومية في (بانه) ، وقد ابتزت المقادير الكبيرة من الأموال فيها. لقد نشبت ثورة هنا في الشتاء الماضي يقال إن سببها كانت هذه الأعمال القاسية. ومدينة (بانه) حقيرة قذرة ، تكاد لا تستحق أن يطلق عليها اسم مدينة (١) وإنها لم تكن بأحسن حال من القرى التي مررنا بها سوى أنها أوسع منها قليلا. «والبناية» أو القلعة تقوم على طنف اصطناعي صغير. والأصح أن اسم (بانه) هو اسم المنطقة ، أما المدينة فاسمها (به روزه ـ Berozeh) ولكنه غير شائع ؛ ويقطنها الكثير من اليهود.
٨ أيلول :
زارني صباح اليوم موسى خان حاكم (سه رده شت) ، وقد تكلم كثيرا عن الإنكليز في (تبريز) ، وإنه مما يثلج الصدر ويملؤه فرحا ما يتحدث به الكل عن حسن سلوك أبناء بلادي في إيران.
وفي المساء جاء الوالي ليعيد الزيارة ، وقد تقدمه جنوده النظاميون ، ومن ورائه عدد كبير من الفرسان. وما كان الموكب ذا روعة كالمواكب التركية فقد كانت تظهر عليه مسحة الحطة والكآبة بالقيافة الإيرانية وعلى الأخص إذا كان جمعهم كبيرا. لقد كان الخان في لباس أبسط من لباسه أمس ، إذ كان يرتدي ثوبا خشنا من الصوف مما يلبسه الدراويش. واستقبله السربازيون عند مدخل الخيمة فحيوه بالسلاح وعزفت له الجوقة النشيد الملكي بالطبول والمزامير. وكان بصحبته خان (سه رده شت) وسلطانا (بانه) و (سه قز). إنه أراني عدة أسلحة وسألني عما إذا كانت
__________________
(١) ويقال إن (سه قز) أوسع منها وأحسن عمرانا.