في أوروبا إلا قليلا ، وكان لي هناك الكثيرون من المعارف من مواطنيها الذين وصلتني منهم الكثير من الدعوات الملحّة لزيارتهم ، فقد سرني أن تتاح لي فرصة أخرى لإرواء غليلي الذي لا تنطفىء ناره ، لمشاهدتي بلادا جديدة.
وإنني لأشعر في هذه المرة ، أن من واجبي أن أسوح بصفتي الرسمية. وهذا مما جعل قرينتي السيدة (ريج) تتجشم متاعب السفرة المنهكة في محمل مستور أو ال «تختروان» (١) ترعاها الخادمات وحاشية الحرم (٢). ولتخفيف المتاعب عنها على قدر المستطاع ارتأيت أن يرسل معها جواد تمتطيه عندما لا تتعرض إلى الأنظار. واضطررت شخصيّا بحكم واجبي ومركزي إلى استصحاب الكثير من موظفي دار الإقامة وخدمها ، واستصحاب من طلب السماح له برفقتنا ، كي نؤلف جماعة كثيرة العدد. وتخلصا من النفقات الواجب صرفها على الجنود المحليين الذين يرافقوننا لحمايتنا في الطريق ، استصحبت حرسا مؤلفا من خمسة وعشرين سباهيّا وضابط صفهم (سوبيدار) ، وهم الذين خصصتهم حكومة (بومباي) كحرس خاص لدار الإقامة. ولهؤلاء الحراس حرمتهم ، وهم رهط من الرجال البواسل ، وكانوا جذلين برحلتهم هذه ، على ما لاح لي.
__________________
(١) هذا ما يعني كلمة (صب) في العبرية ، التي أضحت عندنا في التوراةLitter أي هودج ، كما جاء في الفقرة ٢٠ من الإصحاح ٦٦ ، اشعيا. وقد جاء في النسخة السبعينية (Septuagint) «هودج بغل». تلقت الناشرة هذه النبذة من صديق لها. (وقد جاء وصفه في رحلة ابن جبير في رحلته من بغداد إلى الموصل كما يلي : ـ «... في هودج موضوع على خشبتين معترضتين بين مطيتين الواحدة أمام الأخرى ...» ـ (المترجم).
(٢) تعني كلمة «الحرم» القسم النسائي من عائلة تركية ، وتستعمل هذه الكلمة المنفردة عندما يتجنب المسلم ذكر أهل بيته من نسوته أو بناته. والكلمة تعني أيضا ذلك القسم من الدار الذي تسكنه الإناث. والأتراك حذرون جدّا في التكلم شخصيّا عن ـ أقاربهم من النساء بدرجة أنهم يضطرون أحيانا إلى الإشارة إليهن بقولهم «إن بيتي مريض» أو «إن بيتي يرسل تحياته إلى بيتك».