من الحمير ، وتم الاتفاق ، وبعد مصاعب جمة ، وتأخير طويل وقسمهم اليمين وتهديدنا لهم أحضرت الدواب فحملنا أمتعتنا وأركبنا مرضانا ودفعنا بها جميعا على الطريق إلى مسافة لا يستهان بها قبل حركتنا. واستدلالا بسلوك هؤلاء وببعض ما بدا منهم عند رحيلنا خشي عمر آغا غارتهم علينا في طريقنا ، وكنا ولا ريب عازمين على المقاومة ، وقد شعرت بالثقة التامة بكفاءتنا في منازلتهم منازلة الند للند إذ كنا فرسانا ماهرين ومسلحين فنظمنا أنفسنا أحسن تنظيم مستطاع لحماية الأمتعة والمرضى والعاجزين منا ، واحتفظنا بتلك التنظيمات حتى اجتزنا الحدود بأمان.
ويظهر أن كبير (نويزكه) رأى من الحكمة أن يدعنا نرحل عن منطقته دون أن يمسّنا بضرر ، إذ لم نر له ولأعوانه أثرا بعد ذاك (١).
سرنا في السابعة والنصف ، واتجهنا ببطء نحو الطريق الذي تخلّينا عنه أمس فوصلناه في الثامنة. وبعد قليل بدأنا نرتقي الأرض بطريق جيد ، وسط غابة من أشجار البلوط الضخمة وأشجار الكمثرى البرية وأشجار تشبه الزعرور ذات ثمر مستساغ ، ووقفنا مرتين خلال تسلقنا الجبل الذي كنا نجتازه واسمه (بي لوو) وكان يتجه شماليّا جنوبيّا تقريبا ، ولكن ارتقاء الجبل من سهل (بانه) كان ارتقاء تدريجيّا بدرجة لا يظهر معها للجبل أثر في ذلك الجانب ، وعن يسارنا وعلى بعد قليل ، يرتفع جبل (سووركه ئوو ـ Soorkeoo) (٢) بسفوحه الهدود وهو يتجه اتجاها جنوبيّا شرقيّا ، ومنتهاه القريب منا مخدد بمياه (بانه) وبجداول أخرى وأنه من الجلي جزء من السلسلة التي كنا نسير عليها ، وهو على ما أعتقد نفس الجبل
__________________
(١) لقد أرسل سلطان (بانه) لي ، أحمد بك رئيس قرية (نويزكه) سجينا إلى السليمانية لإنزال ما يتراءى لي من العقاب به ، ولا ريب أنني عفوت عنه وأرجعته.
(٢) والصحيح و «سوور كيو ـ Soor ـ Kew» أي الجبل الأحمر ـ المترجم.