من لقح من الأطفال عدا واحدا أو اثنين منهم. وكان نجل عثمان بك الثاني ، وهو طفل جميل يبلغ من العمر سنة ونصف سنة ، ضمن من أصيبوا ، وتوفي أمس.
ذهبت صباح اليوم لتعزية الباشا وعثمان بك ، فوجدت الباشا بالغ التأثر ، إذ كان يحبس دموعه بصعوبة ، وقد أجابني على تعزيتي بصوت خافت متهدج وردد ذكر ابن أخيه الصغير مرة أو مرتين بعبارات ملؤها الحسرة والحنان. وانتقلنا رويدا رويدا إلى بحوث أخرى وعدنا إلى موضوعنا القديم المتعلق بعاديات هذه البلاد. إن تحرياتي عن موقع مدينة (شهرزور) دفع الكثير من الكرد إلى التفكير في الأمر. وأفاد الباشا اليوم بأنه يعتقد شخصيّا بأن المدينة القديمة تقع عند (قيز قلعه سي ـ حصن الفتاة) بالقرب من (بستان سوور) في منطقة شهرزور. ولا يزال هناك خرائب كثيرة ، أو بالأحرى أنقاض خرائب عند (قيز قلعه سي) الواقعة على بعد ساعتين من (آربه د) وخمس ساعات من السليمانية ، وأن الأهليين لا يزالون يجلبون النورة من تلك الأنقاض. ويدّعي الأهلون بأن (قيز قلعه سي) قد بناها الإسكندر الكبير لأميرة هندية جاء بها من الهند عند رجوعه من حملته عليها ، وعلى إثر إصابتها بمرض نصح لها أطباؤها بأن تقطن في مكان مناخه يضاهي مناخ بلادها ، فوقع الاختيار على سهل شهرزور لهذا الغرض. و (ياسين ته به) و (كه وره قالا ـ القلعة الكبيرة) خربتان أخريتان في تلك المنطقة ، ومحل آخر اسمه (دزكه ره). وخلاصة القول إن منطقة (شهرزور) ، أو في الحقيقة هذا الجزء من كردستان كله ، زاخر ببقايا الآثار القديمة ، وإن كان لا يمكن اعتبار أي واحدة منها خرائب بحد ذاتها.
وعلى بعد ساعة ونصف ساعة من السليمانية ، وتحت خط التلال المقابلة يقع (هه زار ميرد) وهو موقع تذكر عنه الأساطير ، إن عبدة النار أو المجوس ، كما ينعتهم الكرد ، دافعوا عنه دفاعا مديدا إزاء الغزاة الأول