وتنفيذا لتوصية حاكم أربيل استصحب معه من (عين كاوه) (١) مترجما كلدانيّا ليعاونه وهو بين عشائر (جوله مه رك) الكلدانية. وذهب من أربيل إلى عقرة أو (ناأوكور ـ Naoukor) وهي على مسيرة يومين باعتبار مسير اليوم الواحد اثنتي عشرة ساعة ، وكان الطريق مستويا بعض الاستواء حتى بدأ التاتار يرتقي الجبل إلى قلعة عقرة ، ومن هناك تبعد العمادية مسيرة يومين ، يقطعها الراجل في اثنتي عشرة ساعة يوميّا ، والطريق جبلي وعر جدّا. وقد بذل زبير باشا حاكم العمادية الجهد لإقناعه بالعدول عن السفر إذ إنه محفوف بالمخاطر إن لم يكن مستحيلا ولكن التاتار أصرّ على رأيه ، فأسدى له الباشا عندئذ بعض النصائح منها أن يدفع ثمن كل ما يأخذه منهم ، وأن لا يبخس قيمة أي طعام يقدم إليه ، بل عليه أن يظهر الرضى عنه ويمدحه إذ إن الناس الذين يقطنون البلاد التي سيمر منها وخاصة المسيحيين منهم من أشرس الناس وأكثرهم حقدا ، ومن المتقلبين في أهوائهم وأطوارهم وهم سريعو الصراخ والانفعال ، وإن أقل تعريض بهم قد يؤدي إلى هلاكه. ثم أعطاه بعض
__________________
خطرا من المرور بين العشائر المسلمة. وهم يسكنون الأصقاع بين (العمادية) و (جول مه رك) وليس فيها إلا عشيرة مسلمة واحدة ، ويؤدون أحيانا بعض ضرائب إلى أمير (حه كاري) إذا استرضاهم أو استعطفهم ، أما كرها فلا. وتمتد منطقة (حه كاري) إلى مسيرة ساعتين من (أورمية) تقريبا ويدفع مصطفى خان الأمير الحالي «بيشكه ش» أو هدية إلى عباس ميرزا حاكم تبريز.
ويقول (كييون) في معرض كلامه عن هؤلاء القوم المتوحشين إن (الكاليبيين ـ Chalybeans) قد أخذوا اسمهم وخلقهم من طبيعة التربة الحديدية ، فهم منذ عهد (سيروز) كانوا مصدر سلسلة لا تنقطع من الحروب والتدمير وإن جاء اسمهم تحت أسماء مختلفة كالكلدانيين (Chaldeans) والزانيين (Zanians) وفي عهد جستنيان (Justinian) آمنوا بالإله واعترفوا بإمبراطور الرومان» ـ راجع الصفحة ١٣٤ من المجلد السابع من «انحطاط الإمبراطورية الرومانية وسقطوها». لندن ١٨٠٢.
(١) قرية بالقرب من أربيل يقطنها المسيحيون وحدهم.