٢ تشرين الأول :
على أثر سماعي بحفلة عرس تقام في دار ضواحي المدينة ، عزمت على أن أكون أحد المتفرجين فيها ، وتحاشيا من جلب الأنظار وضعنا أنا والمستر (به ل) عمامتين من الشال على رأسينا ، إخفاء لملابسنا وارتدينا عباءتين سوداوين فوقها وذهبنا بعد هذا التنكر ليلا لمشاهدة الحفلة. وبعد مسير طويل وصلنا محل الحفلة وهو دار اعتيادية ، فاندمجنا بين جموع المتفرجين الكثيرين فوق سطح الدار وهو لا يعلو عن الأرض أكثر من ست أقدام. وكان فناء الدار وهي مسرح «العرس» تضم حشدا من الكرد من مختلف الطبقات والأعمار ، من فتى يلبس عمامة ذات عذبات ملونة إلى وحشي مخيف في فروة من جلد الماعز وكان الكثير منهم يتماسك بالأيدي في رقصة تسمى الدبكة «جوبي» على دائرة غير متصلة المحيط وقد أشغلت ساحة الدار بكاملها تقريبا. والرقص عبارة عن هز الأبدان إلى الأمام والخلف ، والمراوحة أولا بقدم واحدة ثم بالأخرى ، وضرب الأرض أحيانا بالأقدام ضربا قويّا. وقد ذكرني هذا الرقص بالأغنية الإيرلنديةRising on Gad ,and Sinking on Sugan أي أنهم يعلون مرة ويهبطون أخرى.
وكانت أفراح قلوبهم تعبر عن نفسها بين الفينة والأخرى بصيحات صاخبة ، أما الذين لم يرقصوا فقد ملأوا ما بقي من الساحة واحتشدوا فوق السطوح التي تحيط بفناء الدار من جهاته الأربع. وجلس عدد آخر القرفصاء في وسط دائرة الرقص ومن بينهم الزمار والطبال. وكان المحل مضاء بثلاثة مشاعل ولكن الجموع لم تكن لتهتم بسحب الدخان والشرر المنبعثة من لهيب المشاعل. وكان الراقصون يرقصون منذ أكثر من ساعة قبل وصولنا إليهم. وبعد أن تمتعوا برقصهم مدة نصف ساعة أخرى توقفت الموسيقى وانصرف الراقصون ليفسحوا المجال لغيرهم ، وذلك بهجوم ، من صاحب الدار وبعض أصحابه وهم مسلحون ، بالعصي