لم أشاهد مطلقا أناسا ذوي أجسام قوية صحيحة من الجنسين النساء والرجال كما شاهدت ذلك في كردستان ، بالرغم من سوء الأحوال الجوية. والكرد بوجه عام قوم أقوياء أصحاء. والأطفال منهم أيضا ذوو بشرة نقية ، ووجوه موردة. أما الطفل البغدادي فتعلو وجهه الصفرة ، وبطنه بارزة ناتئة وجسمه مسقوم عليل فكأنه مصاب بالكساح ، وإذا لمسته نفر وانكمش على نفسه. أما الطفل الكردي فمخلوق صغير نشيط مرح ، قوي ، يتصف بالبشاشة والألفة.
٢٥ تشرين الأول :
هرب صباح اليوم الشيخ خالد الشهير. وعلى الرغم من أن هروبه كان مفاجئا وسرّيّا فإنه استطاع أن يصطحب زوجاته الأربع معه ، ولم يعرف حتى الآن الوجهة التي سار فيها. لقد وضعه الكرد قبل بضعة أيام في منزلة ترتفع على منزلة الشيخ عبد القادر (١) وقد اعتاد الباشا أن يقف أمامه ليملأ الغليون له ، أما اليوم فإنهم ينعتونه بالكافر ، ويرددون الروايات العديدة عن غطرسته وكفره وزندقته. لقد أضاع الشيخ منزلته إثر وفاة نجل الباشا إذ ادّعى أنه سيشفيه من مرضه ، وأنه بحث في سجل الله عن أمره .. وغير ذلك وقد تباينت الروايات عن سبب هروبه ، وقال البعض إنه صار يبذر بذور السوء بين الباشا وإخوانه الذين أرادوا أن يواجههم بالأمر في حضور الباشا. وقال الآخرون إنه بدأ بوضع أسس مذهب جديد ، وأراد أن يجعل نفسه سيد البلاد الدنيوي. ولقد قيل عنه ولا ريب الكثير واتهم بأمور أكثر مما يمكن في الحقيقة اتهامه بها فالعلماء والسادة وعلى رأسهم الشيخ معروف (٢) كلهم يكرهون الشيخ خالدا وقد بزهم كلهم عندما كان له سلطانه.
__________________
(١) ويقصد المستر (ريج) به ، الشيخ عبد القادر الكيلاني ـ بالكاف الفارسية ـ المترجم.
(٢) تلقى المستر ريج من رئيس علماء الكرد الرسالة الغريبة التالية ، وذلك قبل رحيله من