وعشيرة (دزه يي) كردية كانت تابعة فيما سبق إلى (كوى سنجاق) ، وقد فصلها باشا بغداد عن كل من (كوى سنجاق) و (أربيل) وجعلها تحت سلطته المباشرة ؛ وهذا مما جعل العشيرة لا تبالي بأحد. لقد طرد فارس آغا مموننا قائلا له إنه غير تابع إلى وزير بغداد ، أو باشا كردستان أو شاه إيران ، بل إنه سيد نفسه ، يعيش في بلاده ، ويرفض قبول الضيوف فالأفضل لنا أن نذهب إلى (أربيل). وعلى هذا لم يبق لنا أمل ، وفي الحقيقة كان الأفضل لنا والأرجح أن نستمر في طريقنا فنكسب يوما ، فاستأنفنا طريقنا بعد توقف بضع دقائق. وفي الحادية والنصف ترجلنا عند جدول ماء صغير لتناول كوب من القهوة وابتعد حملة الأثقال عنا مسافة. ثم ركبنا في الثانية عشرة وسرنا باتجاه شمالي ، وفي الواحدة والنصف بعد الظهر تراءت لنا (أربيل) باتجاه شمالي شرقي بعشر درجات ، وبعد مدة قليلة ظهرت معالمها واضحة ، وعندها رسمت منظرها (١). لقد كان منظر الطنف المسطح الذي ، ربما كان مدفنا للأرساسيديين ، تعلوه القلعة ومن ورائه جبال الكوردوشيين ، منظرا قشيبا حقّا. لقد استقبلنا قرب المدينة نائب حاكمها على رأس خمسين أو أربعين خيالا تركيّا يتقدمهم العرفاء والطبالون. لقد كنت في غنى عن شرف هذا الاستقبال ، إذ كاد الغبار يخنقنا قبل ترجلنا. ووصلنا إلى محلنا في الثالثة والنصف ، وقد سرنا اليوم ثماني ساعات وأربعين دقيقة.
أقمنا خيامنا عند (كهريز) ، أو قناة ماء تعود إلى الحاج قاسم بك (٢) على بعد قليل من الجنوبي الغربي من المدينة. وقد خيمت قبلنا بالقرب منا جماعة صغيرة من عشيرة حرب العربية. وظهر لي أن العرب ، بعد
__________________
(١) راجع اللوح.
(٢) ولا يزال هذا الكهريز ينعت باسم كهريز قاسم آغا وهو والد المرحوم يعقوب آغا كبير وجهاء أربيل وأحد شعرائها البارزين ـ المترجم.