إلى عهد الخلفاء ، أو بالأحرى إلى عهد أمراء (أربيل). وكانت الخرائب تحيط بها ، وهي أكوام من الأنقاض كأنقاض بغداد القديمة. وكانت بقايا السور والخندق ظاهرة ، سيما من جانب مخيمنا الذي ضربناه بالقرب منها. ويبدو أن المدينة كانت فيما مضى جد واسعة ؛ وربما كانت بسعة بغداد الحالية. وتقع (أربيل) عند سفح الطنف الاصطناعي ، وعلى الجانب الجنوبي منه خاصة ؛ وفيها حمام واحد ، وخانات وأسواق. ويقع قسم من المدينة فوق الطنف ويسمى هذا بالقلعة. وهنالك إلى الشرق من المدينة ، وبالأحرى إلى شمالها قليلا منخفض يدعى وادي (جي كونم) يقال إن تيمورلنك نصب خيمته فيه ، عندما حاصر (أربيل) ، وإن شيخا دينيّا من (أربيل) نشر الرعب في جيشه فأخذ يتفرق فصاح تيمورلنك عند ذاك بالفارسية قائلا : «جي كنم» أي «ماذا أعمل؟» فأصبحت العبارة علما للوادي (١).
درجة الحرارة ـ ٥٢ درجة في الخامسة ق. ظ. و ٩٠ درجة في الثانية والنصف و ٦٤ درجة في العاشرة ب. ظ.
٢٨ تشرين الأول :
استأنفت استطلاعاتي في فترات من هذا اليوم ، وأنا محاط بجمع غفير من الأربليين وقفوا على شكل نصف دائرة عن بعد ، وغلايينهم في أيديهم وأفواههم وهم يتحدثون فيما بينهم عما أعمله. ولكن لم يضايقني أحد منهم مطلقا. ولم أتمكن من إخفاء ابتساماتي كلما تذكرت ما لاقاه (دي لامير) ـ لو صحت المقارنة ـ في جوار باريس والتي تختلف عما ألقاه أنا في هذا الوسط الغريب المتوحش بدون حرس ولا خدم ، وأنا وحيد. كان تخميني لارتفاع الطنف الاصطناعي الذي تعلوه قلعة (أربيل) ، مائة
__________________
(١) هذه أسطورة ، لم نسمع عنها قبلا ـ المترجم.