بقدومي إلى منطقته ، فسرنا سوية إلى قرية (كرمليس) وهي قرية كلدانية حقيرة ، وقد دخلناها في العاشرة إلا ثلثا بعد أن سرنا سيرا حثيثا طيلة اليوم. وتقدر مسيرة القافلة بساعتين ونصف الساعة إلى (بومادوس) ومثلها من (بومادوس) إلى (كرمليس). وكانت (كرمليس) فيما مضى مدينة مهمة وقد خربها (نادر شاه) وهي الآن قرية حقيرة ، قذرة جدّا شأن غيرها من قرى النصارى في الشرق ، وفي القرية كنيسة واسعة وقديمة جدّا يظهر من التاريخ المكتوب عليها أنها رممت قبل مائة وثلاثين عاما ، وهي اليوم آيلة إلى الانهدام. وهناك كنيسة أصغر منها ، شيدت في زمن غير بعيد ، وهي بناية حقيرة المنظر. ويوجد وراء القرية على بعد نصف الميل من خيمتنا (٨٠ د. إلى الشمال غربا) طنف اصطناعي قديم. وقد تسلقته لتثبيت اتجاهات بعض المناظر المحلية بالبوصلة ، وقد نجحت في ذلك بعض النجاح ، إذ كانت الشمس مائلة نحو الغروب ، وكان هبوب الريح يجعل الأشباح البعيدة غير واضحة كما أن إبرة البوصلة لم تستقر على حال. وكانت القرى تظهر لنا في كل ناحية من نواحي السهل ، وكل شيء منبسط أمامنا انبساط سطح البحر.
ويعتقد الميجر (ره نه ل) بأن (كرمليس) هي (كوكه مه لا) (١) ولكن يظهر مما كتبه (اريه ن ـ Arrian) و (كوينتوس كورتيوس) بأن (كوكه مالا) كانت واقعة على ضفة (بومادوس) وعلى هذا لا يمكن القول بأي وجه بأن (كرمليس) كانت على ذلك النهر. وفي الحقيقة أنه يصعب علينا أن نبت في أي من القرى العديدة القائمة في هذا السهل ، وعلى طول مجرى (بومادوس) كانت (كوكه مالا). وإننا نعلم جيدا بأن (كوكه مالا) كانت ،
__________________
قلنسوة محشوة قطنا ومطرقة. وكلمة «قاووق» تركية تعني التجويف ، راجع حاشية الصفحة ١٤٣ ـ المترجم).
(١) راجع الصفحتين ١٥٣ ، ١٥٤ من كتاب نظرات في تاريخ حملة كورش لمؤلفه ميجر (ره نه ل).