وفي الثانية عشرة وصلنا (كفري) فوجدنا مساكن مريحة قد خصصت لنا في دار مزارع تركي كريم ، كان من الأثرياء سابقا ، أما الآن فقد أنزلته مشاركة الحكومة التركية لثروته إلى الدرك الأسفل من الفقر. وقبيل رحيلنا من بغداد كان قد أخرجه المستر (ريج) من الحبس ، وأقنع الباشا بأن يعفيه من دين عليه للحكومة مقداره ألف قرش.
قبل مدة تزيد على الخمسة عشر عاما ، كانت قرية (قه ره ته به) تشمل على سبعمائة دار أما الآن فليس فيها إلا خمسة وخمسون دارا. فلقد اضطر أكثر الأهلون إلى الهجرة إلى بغداد تخلصا من مضايقة حكامهم لهم. وهذا ينطبق على جميع القرى في هذه الباشوية ، وغيرها من باشويات الإمبراطورية التركية.
٢٦ نيسان :
يوم استراحة للحاشية والبغال. امتطينا صهوات جيادنا بعد تناولنا الفطور لمشاهدة بعض الخرائب التي اكتشفها المستر (ريج) يوم أمس خلال تنزهه عصرا ، وكانت تبعد عن القرية بمسافة عشر دقائق وهي في مجرى السيل.
وجدنا الشمسية وقد نصبت لنا ، وبساطنا وقد فرش ، ومحمود جاد في الحفر ، فأرسلنا المستر (به ل لي نو) ليرى بعض الخرائب الأخرى التي لا تبعد كثيرا ، وليخبرنا فيما إذا كانت تستحق عناء الذهاب إليها لمشاهدتها. وبعد مدة قصيرة كشفنا عن غرفة صغيرة مبنية جدرانها بناء خشنا بالأحجار السائبة المرصوفة بعضها فوق بعض وقد جصصت جدرانها ونقشت بنقوش متقاطعة ، كان بعضها بديعا حقّا. ويبدو أن أرض الغرفة كانت مفروشة بالجص البسيط وكذلك السقف الذي صبغ بلون قرمزي غامق ونقش بالأزهار أو بالريازة العربية. وكانت الخطوط الأساسية لهذه النقوش باللون الأسود ، محاطة بلون أحمر لامع الأمر