بلغت درجة الحرارة في التختروان في الساعة الثانية بعد الظهر ٩٠ د.
٢٥ نيسان :
نهضنا على عادتنا بعد الرابعة بقليل. وكان صباحا رائقا جميلا ، والنسيم شماليّا غربيّا عليلا ، وكنت جالسة على بساطي تحت شجرة بانتظار دعوتي لركوب التختروان ، وبعد أن رحل الرجال وجدت كثيرا من النسوة وقد اجتمعن حولي ، وكانت إحدى النساء المسكينات في حالة بؤس وشقاء شديدين لما أصاب عائلتها من القسوة المخيفة التي تعرضت إليها. لقد تزوجت ابنتها قبل مدة من ابن عمها الذي طلقها أخيرا برضاء الطرفين ـ والطلاق أمر شائع بين الطبقة العامة من المسلمين ـ وتزوج بعد مدة من امرأة أخرى ، فاقتدت المطلقة به وتزوجت من رجل آخر. ومن المؤلم أن نذكر بأن زوجها السابق قد قتلها إثر زواجها دون أن يكون لذلك سبب ، فأرادت الأم الشقية الذهاب إلى بغداد لترتمي عند أقدام الباشا شاكية ، لكنها لم تجرؤ إذ إن الجاني هددها بتعقّبها وقتلها إذا سارت خطوة واحدة في تحقيق هذا الغرض. فهي أرملة ولها ولد وحيد لا يزال صبيّا وهو يسعى لتسليتها ويعدها بأنه سينتقم لأخته عندما يبلغ أشده ...
وكاد يسقط التختروان من الضفة في الأوحال ، فارتجفت بل أصابتني رعدة إلا أنني لم أنزعج ، وسمعت صرخة من آمنة خاتون (أم ميناس) تعبّر عن خوفها من أن تراني وقد تحطمت على الأرض أوصالا. ولكن قوة المكارين ونشاطهم أنقذاني من التعرض للخطر.
__________________
وغيرها كانوا يرغبون في رأس (الكله) وهو قمة المخروط من قطعة السكر ، ويكون عادة مثقوبا فيميعونه على النار ويصبون المائع في العين المريضة ، وكلمة (كله) بتشديد اللام والهاء الساكنة ـ كلمة تركية معناها الرأس ـ المترجم.