(تشيم بورازو ـ Chim ـ Borazo) أو (الجبل الأبيض ـ Mont Blanc) أو (هه مه لايا) ، أن يقدر جرأته وشجاعته مثلما شعرت أم ميناس عندما رأت نفسها آمنة مطمئنة فوق هذه الروابي الصخرية. امتطيت جوادي تخفيفا عن إتعاب بغال التخت روان ، ولتغيير وسيلة السفر ، أما حاشيتي فقد تبعتني على مسافة قصيرة لكي استطيع الركوب سافرة عن وجهي. وما كان بحراستي أحد إلا ميناس. وهكذا بدأت بالانحدار من التلال ...
... والمنظر من أعالي قمة الجبل ، وإن لم يضاه المنظر من أعالي (زورا) فإنه يبعث الرضى في نفس من يحب المناظر التي تقترب في جمالها من حد الإبداع ؛ في نفس من قد حرم من مثل تلك المشاهدة مدة طويلة. فالمروج الخضراء والقرى البعيدة ونهر ديالى الفياض المتمعج في السهل وحتى الجبال النائية كلها كانت بديعة سارة على الرغم من تواضع هذه المناظر التي أثرت في نفسي التأثير الكلي. وبعد انحداري من التلال وأنا على صهوة جوادي ، وبعد التمتع بقليل من الراحة ، دخلت محملي ثانية قبل العاشرة.
... و (قه ره ته به) قرية تركمانية ، فيها تكية للدراويش القادريين ، وقد تكون قديمة جدّا ؛ دفن فيها أحد سلاطين بخارى المشهورين ، وكان قد انزوى في هذه القرية في عهد الخلفاء العباسيين ...
وفي الجهة المقابلة من القرية ، يقوم طنف آخر اتضح أنه أنقاض حصن قديم. وسكان هذه المناطق مبتلون بأمراض العين كسكان بغداد ، وكانت النسوة يترددن بإلحاح على خادماتي ويضايقنهن بطلب السكر الإفرنجي ، أي السكر الأوروبي (١) وهو دواء مهم لأمراض العين في جميع أنحاء الشرق.
__________________
(١) المعروف في العراق ب (شكر كله) أو (قند) ويعلم المترجم أن الأهلين في بغداد