(إبراهيم خانجي). وبعد أن استدرنا في طرق ضيقة جميلة تكتنف الجنائن جانبيها وتتدلى خلالها أشجار الزيتون والإجاص والبرتقال فوق رؤوسنا مثقلة بثمارها وأزهارها ، ويعلوها الآلاف من اليمام وهي تردد الأغاريد الخلابة ، وصلنا دار (عمر بك) الجميلة الجديدة في الثانية والنصف وقد أخذ السرور منا مأخذه ، إذ قد أخذ التعب مني نصيبا كبيرا ؛ وقد فرحت كثيرا بما هيأه لي (كلود) بنفسه من فراش وثير وفاكهة طيبة ...
٢٩ نيسان :
على أثر اعتزامنا البقاء هنا لمدة يوم أو يومين لإراحة الدواب ، ذهب الرجال لزيارة بعض المنابع النفطية الكائنة في الفتحة التي فتحها السيل بين التلال الواقعة إلى الجنوب الشرقي من القرية ...
لقد علمنا بقرب وصول عدد من السعاة (التاتار) من استانبول ، وكلنا رجاء أن يصلوا قبل أن نبتعد عن طريق بغداد.
وقد بلغنا من أخبار بغداد ، أنّ من المتوقع أن يقبل كل من العاصيين الفارين جاسم بك ، وصادق بك العفو الذي صدر عنهما فيرجعا. أما الأخير فقد ألح في أن يكون المستر (ريج) كفيله ، فهو لا يعتمد على غيره ويقول إنه يعود إلى ولائه على الفور دون شك أو خوف ، إذا أعطاه ال (باليوز) بك ، المستر (ريج) ، وعدا بكفالته. لقد كان هذا أمرا خارجا عن نطاق الإمكان ، إذ إن الحكومة ستطلب ولا شك من المستر (ريج) أن يكون مسؤولا عن حسن سلوك هذا الرجل الشاب الذي وإن كان مستعدا لربط نفسه بأي يمين يطلبه منه المستر (ريج) ، وذلك لأن الفتى المسكين لا يركن على وعد أبناء بلاده ، كما أن المستر (ريج) لا يعتمد عليه مهما كانت الأيمان التي قسمها مغلظة. لقد مرت بنا تجارب محزنة في هذا الباب ، وهي قضية الأخ الأكبر لهذا الشاب ، وهو المرحوم سعيد باشا الذي اضطر المستر (ريج) أن يتعهد بكفالته لصيانة