كونها صحية لكثرة مشاتل الشلب فيها. و (كلود) لم يمرض هذا المرض الشديد ، إلا بعد وصولنا هذا المكان. لقد شعرت أنا أيضا بالانحراف وشكت حاشيتنا ذلك.
وبعد أن ودعنا (طوز خور ماتو) الخادعة اجتزنا جماعة تدعى بالتركية (ده لي دومه ن) (١) وهي جماعة متشردة ، مهرجة تحترف الغناء ، وكانت جماعة مضحكة جدّا ، وبظهورهم تعالى الفرح والطرب في نفوس أتباعنا. لقد كانت الجماعة مؤلفة من سبعة أو ثمانية أشخاص ممتطين الحمير الصغيرة الهزيلة ، وعليهم الأسمال البالية وهم نحاف هزيلون أيضا. وكان أحدهم ، ويظهر أنه المهرج الأول بينهم ، واضعا فوق قاووقا (٢) قديما قطن بطانته بارز من خروقه. لقد كان يمتطي حمارا قزما حتى ظهر كأنه يمشي على الأرض من فوقه إذ إن قدميه لم تكونا تعلوان عن الأرض إلا عقدتين تقريبا. لكز كل من علي آغا ، ورئيس الخدم جواديهما وأغارا عليه ليلعبا معه الجريد ، وطاردا حماره وهو عليه وأوقعا قاووقه على الأرض وصارا يداعبانه قفزا ونطّا ، لتسلية الناظرين ...
وكنا كلما تقدمنا في طريقنا نلاحظ قلة الأراضي المزروعة وكثرة المراعي الغنية ، ووجدنا جماعات من المسافرين رجالا ونساء وأطفالا أكثر مما شاهدناه منذ رحيلنا من بغداد.
وأخيرا عند منتصف النهار وصلنا (طاووق جاي) أو سيل طاووق العظيم الذي زاد في مخاوف أم ميناس وكربها ، وهي لم تذق الطعام ولم
__________________
(١) (ده لي دومه ن) يعبر بهذا التعبير التركي عن الرجل الفظ الطباع ، ولكن كما يظهر من النص أنها جماعة من الغجر ـ المترجم.
(٢) ال (قاووق) لباس رأس تركي قديم. ومعناه اللفظي (الشيء الفارغ الجوف) وقد جاء في حاشية الكاتبة ما يلي : ـ «لباس رأس مبطن بالقطن ، يلبسه جميع رجال الحكومة التركية وضباطها». والواقع أن القاووق نوع من ألبسة الرأس العديدة التي لبسها الأتراك وألبسوها. راجع حاشية الصفحة ١٤٣ للاستزادة ـ المترجم.