وبقاع المزارع الصغيرة منتشرة فيه هنا وهناك ، مع ما كان يكتنفه من المراعي.
لقد ولجنا الآن كردستان بعض الشيء فأحاطت بنا جبالها. أما اللّغة المعروفة فيها فهي الكردية فقط. لقد بدأنا توّا بملاحظة الفرق في ملامح الكرد من أبناء العشائر والقرويين ، فالعينان عند أبناء العشائر متباعدتين والأنف أقنى والجبين واسع والأبدان ضخمة ، والأعضاء متناسقة وهم ذوو هيئات عسكرية. أما سيماء القرويين ، فإنها منتظمة ، وعيونهم ناعسة ، وملامحهم ألطف من ملامح أبناء العشائر. لكن القروي لم يكن طويل القامة أو حر السلوك والاستقامة كأخيه العشائري. وهذا الأمر ليس من الأمور العسيرة الفهم ، فأبناء العشائر هم الأسياد وأبناء القرى هم العبيد ....
٨ أيار :
خيمنا اليوم في بستان من بساتين الباشا متصلة بالمدينة تماما ، إذ إن دخولنا البلدة في هذا اليوم لم يكن ليتفق والترتيبات التي اتخذها أصدقاؤنا الكوردكيون ، ولذلك اضطررت إلى التخلي عن الركوب كما اضطررت على إخفاء نفسي إخفاء تامّا في التختروان ، إذ كان من المتوقع أن تتجمهر الجماعات المتزاحمة من الناس للتطلع إلى وجوه الأوروبيين الذين يدخلون بلادهم لأول مرة ، وأن ملابسهم الخاصة والجنود والهنود الذين يرافقونهم سيثيرون فضولهم ذلك لأنهم أولا شغوفون بكل ما له علاقة بالحرب ، وثانيا وبوجه خاص لانتهازهم فرصة مشاهدة جنود يظهر عليهم للوهلة الأولى أنهم مسلمون ، وكذلك الهنود والأوروبيون ...
عندما نزلت من التختروان ، عجبت كل العجب حين لم أر غريبا حول مخيمنا على الإطلاق فكان يضاهي سكون مخيمنا على ضفاف دجلة. لقد خرج رجال المدينة البارزين لاستقبال (كلود). إنهم شربوا