بعض الأماكن أشبه بالجدار ، والأرض عند الشاطىء مشققة ، خددتها مياه المطر. وعمق النهر قرابة الثمانية عشر قدما. وقد أزفت الساعة الثامنة قبل أن عبرت جماعتنا النهر مع أننا سرنا عند مطلع النهار. ووجدت أشجار النخيل تكتنف القرى الواقعة في هذه النواحي من كل جانب.
وفي الساعة العاشرة مررنا بما يشبه قناة قديمة على جانبها تل مرتفع فوقه ركام من الطابوق وبعض قطع الرخام. ويسمى هذا على ما أذكر (ليسيه ـ Lissia) إذا صح الاعتماد على الشخص الذي ذكر لي هذا الاسم. لكن تسمية المواقع في هذه الأنحاء تختلف أحيانا اختلافا بينا. وفي هذه الأماكن أضرحة عديدة للأئمة منتشرة هنا وهناك ، ويقال إنها أضرحة أولئك الجنود من المسلمين الذين توفوا من جروحهم بعد عودتهم من معركة (قصر شيرين) ، فدفن كل منهم حيثما قضى وأصبح من الشهداء. وقد لاحظت على طول الطريق بقايا أطلال من مباني الطابوق كانت أحجارها مبعثرة في الأنحاء. ومررنا ببعض مروج جميلة وقنوات عديدة تتفرع من صدور الجداول الرئيسية ، وقد تركنا (خرنابات) وغيرها من القرى عن يسارنا ، وفي الساعة الثانية بلغنا قنطرة ذات قوس واحد فوق قناة (مهروت) التي تصب شمالا في نهر ديالى ، فتوقفنا حتى الساعة الثالثة عند مرقد الإمام السيد مقداد الكندي.
بلغنا شهربان في الساعة الرابعة ، وأنا الآن متمدد بقامتي فوق الأرض لا أستطيع أن أرى وأن أكتب. فقد كانت سفرتنا جد مزعجة من جراء ريح جنوبية قوية كانت تهب بشدة فتثير بوجهنا سحب الغبار الذي أرهق الإنسان والحيوان معا. وأرجو أن تخبري ميناس بأن البغال هنا رديئة جدّا. فقد كانت تكبو في كل ميل من الأميال ، ولم نستطع بلوغ نهاية مرحلتنا بها إلا بشق الأنفس ؛ ولقد وعدوني هنا باستبدالها. وتقدر المرحلة بين (بعقوبة) وهذا المكان بتسع ساعات. والأرض على طول الطريق جد منبسطة تقاطعها القنوات في كل مكان. ولما شرعنا بالمسير