وفي الساعة الثامنة إلا ربعا وصلنا إلى (خان مصبح) ، حيث ترجلنا لتناول القهوة ورصد بعض النقاط بالمزولة. وفي الساعة الثامنة والنصف غادرنا الخان وبعد الساعة العاشرة بقليل شاهدنا النهروان الرائع يمر باتجاه شمالي غربي ب (١٠) درجات وكانت (خرنابات) تبعد نحو الميل عن شرقنا. وبعد مسير ساعة بلغنا بعض الأقنية اليابسة الموازية للنهروان ومنها بلغنا مرقد (السيد محسن) وهو مزار على جدول صغير يأتي من (الخالص) ، وعند الظهيرة وصلنا إلى (طوبراق قلعه) وهو طنف مربع قليل الأبعاد ويسمى أيضا (مجيليبة). وعلى مسافة قليلة من شماله شاهدنا بعض الأطلال حيث وجدنا بعض الناس منهمكين باقتلاع الطابوق منها وإرساله إلى بغداد لتعمير بستان يوسف بك (١) وكانت على بعض هذا الطابوق علامات تشبه رسم الأصابع الخمس وعلى بعضها دائرة مشوهة يظهر أنها رسمت عليها بالأصابع عند ما كان الطابوق طريّا. وكان الطابوق خشنا ولم يكن بحجم طابوق بابل ، ومقاديره في هذا المكان عظيمة. وأغلب ظني أن هذه الأطلال ساسانية ، فقد وجدت بها شبها بالأطلال التي شاهدناها في (قالان ته به) في (زه نكه باد) وغيرها من الطنوف الاصطناعية في هذه الأنحاء.
وفي الساعة الثانية إلا ثلثا بلغنا قرية (الحويش) وقد جئناها من طريق غير مطروقة أغلبها صحراء قاحلة مجدبة لم نجد فيها ما يستحق الاعتبار كثيرا أو قليلا سوى خنزيرة برية هائلة الحجم يتبعها ستة خنازير.
كان النهار لطيفا منعشا وقد سجل المحرار ٧٧ درجة.
٣ نيسان :
غادرنا الحويش في الساعة السادسة والنصف فبلغنا دار المقيمية ببغداد عند الظهيرة.
__________________
(١) هو الابن الأكبر لباشا بغداد.