وبعد الساعة الثامنة بقليل وصلنا إلى (ده لي عباس) حيث توجد قنطرة رديئة على الخالص ، وأخذت القرى الواقعة في هذه المنطقة تظهر في الأفق الواحدة تلو الأخرى. كذلك كانت قرى خراسان ظاهرة للعيان على الجانب الآخر من ديالى. وكان طريقنا في بادىء الأمر باتجاه ٥٥ درجة جنوبيّا غربيّا ، ومن ثم ٢٠ درجة جنوبيّا غربيّا. وفي الساعة العاشرة والنصف بلغنا (جوبوق) وهي قرية عربية حقيرة عندها قنطرة فوق جدول صغير من توابع الخالص ويأتي من ناحية (سراجق). ويصب هذا الجدول في (ديالى) مقابل (بويوك أبي صيدا) على مقربة من ديالى ولا تبعد عن (جوبوق) إلا بضع ياردات. وهذا الجدول عبارة عن مصرف لمياه نهر ديالى عندما تفيض فجأة فيضانا عاليا. وعندئذ يفتح صدره لصد قوة المياه التي لولاها لكانت تحدث بنهر الخالص أضرارا جسيمة ولغرقت الأراضي المجاورة وتلفت الزروع وما يزيد من مياه العظيم (١) يصب في هذا الجدول عند (جوبوق).
٢ نيسان :
لقد اضطررنا طيلة الليل أن نحترس لأنفسنا من اللصوص الذين اشتهرت بهم هذه المنطقة. وعند الصباح هبت النسمات العليلة من الناحية الشمالية الغربية فتغير الجو ورحلنا في الساعة الخامسة والنصف ونحن أشد ما نكون نشاطا ومرونة ، فوجهنا طريقنا نحو (خان مصبح) الواقع إلى الغرب منا ، وصرنا نتعقب مجرى (ديالى) الذي كان يتلوى قريبا عن يسارنا.
__________________
(١) جاءت في الأصل» Azemia «فأرجعت إلى العظيم. وأخبرني الأستاذ عباس العزاوي «بأنه لا يفيض نهر (العظيم) إلى ما ذكره المؤلف ، وإنما تتجمع سيول جبل (حمرين) من جهة (العظيم) في محل يقال له (أبو فراش) ، فإن كثرت مياه أبي فراش فاضت إلى المزارع العديدة وأغرقتها. وحينئذ يسد صدر (الخالص) وتوجه المياه إلى نفس مجراه بالقرب من جدول (جوبوق) فتصب في (الخالص) تصريفا للمياه» ـ المترجم.