جدّا ، وأنقاض أكواز وشظايا عظام صغيرة. وفي وسط الرابية مقبرة عربية صغيرة. وهكذا نرى الآن أن رميم المسلم يختلط برميم الفارسي عابد النار. هذا ولا أرى إلا أن هذه الرابية كانت رابية ساسانية خصصت لإلقاء جثث الموتى عليها ، ولا شك لي في ذلك من حيث مظهرها وطبيعتها ، وشكل الشظايا التي عثرنا عليها فيها.
تمتد إلى الشمال وإلى الغرب من هذه الرابية ، أركام خرائب صغيرة ، تظهر أن المكان هذا كان واسعا رحبا. وتوجد في الغرب ربوة أكبر من الروابي الأخرى تدعى (آش طوقان). وعند رجوعنا إلى مضربنا ، وبعد مسير ربع ساعة للراكب ، وصلنا إلى بعض بقايا سور صغير ربما كان سور المدينة نفسها ، وإن كان القرويون يعتقدون بأنه بقايا سد أقيم لدرء الفيضان من مسيل (كفري) ، ولم يبق منه إلا قسم لا يتجاوز ارتفاعه بضعة أقدام ، وطوله ثلاثمائة يردة ، وهو مشيّد من أحجار كروية ذات تجاويف صغيرة في القسم الخارجي منها. والأرض من الطرف الداخلي من الجدار باتجاه الخرائب أعلى مما هي عليه في الشمال أو في الطرف الخارجي منه وهي تشبه دكة أو مصطبة أدعمت بهذا الحائط. ولا أشك في أن الحائط ذاته يعود تاريخه إلى عهد آثار (قصر شيرين) و (حوش كه ره ك). وإلى مسافة أبعد نحو الشمال وباتجاه (كفري) إلى ما وراء الحائط ، لا نجد أثرا للخرائب. لقد بارحنا (اسكي كفري) في الساعة العاشرة والربع ، ووصلنا (كفري) قبل الثانية عشرة بعشر دقائق.
كنت قد أوعزت بجلب أية قطعة من المسكوكات أو العاديات الأخرى التي يعثر عليها عند القرويين. وقد جاءني (روبين) في هذا اليوم بثلاث قطع من المسكوكات وبقطعة حجر منحوت حصل عليها من أصدقائه اليهود ، إلا أنها كانت بعيدة كل البعد عن أن تلقي ضوءا على تاريخ الخرائب المجاورة وكأنها صنعت خصيصا لتحير الإنسان وتزيد غموضه في الأمر ، وكانت إحدى المسكوكات أرساسية (Arsacian)