العميقة أو الأخاديد التي أحدثتها الأمطار. واكتشف أخيرا في أحد هذه الأخاديد قبو صغير مشيد بالطابوق الخشن الشواء فيه فخارات رميم عديدة عثروا في بعضها على مسكوكات ذهب لم أوفق في الحصول على واحدة منها. وقد انطمر القبو تقريبا بانهيار الأتربة أو الأركام التي تتألف منها الرابية. وطول هذه الرابية من الشمال إلى الجنوب تسعمائة وستون قدما ، أما عرضها من الشرق إلى الغرب فأقل من ذلك بقليل ، وارتفاعها سبعة وخمسون قدما. وهذه الأبعاد وإن كانت تقريبية ، فباستطاعتنا اعتبارها مقاربة للحقيقة ، وقد قاسها النجار وساعده في ذلك آغا سيد. وإنني ذهبت في خلال المسح للاستراحة في ظل أخدود أحدثته الأمطار ، إذ كانت الريح جنوبية شرقية والجو شديد الحرارة. وقد نلت قسطا من الراحة ، فنسيت تعبي واستعدت قواي. وفي الواقع إن هذا الأخدود كان أحسن الأماكن التي يمكن البحث فيها عن الآثار القديمة ، كونه ما زال أخدودا حديثا فتحته الأمطار أخيرا. فحفرنا عنده وعثرنا على الكثير من العظام البشرية الصغيرة وعلى قطع من فخارات الرميم وكلها مطلية من الداخل بطلاء أسود. ولكن الخزف كان يختلف عما سبق لنا وصفه ، فالبعض منه خشن لا نقوش عليه ، والبعض الآخر من نوع دقيق جميل ، والأجمل من كل هذه أخزاف عليها رسوم غزلان وأبقار في مجاميع دائرية صغيرة ، وحملنا معنا كل ما عثرنا عليه منها. وقد بذلنا ما في طاقتنا لاستخراج فخارة صحيحة لكننا لم نفلح ، وإن كان ذلك ما يعثر عليه في الأغلب وعلى الأخص عندما تجرف مياه الأمطار الشديدة التراب عنها. أمرت الجماعة أن تستمر على الحفر في جميع الأنحاء ولكنهم لم يعوضوا عن تعبهم إلا بما عثروا عليه من بعض الشظايا المعدنية الصدئة ، وبعض قطع نحاس وزجاج وخرزة بلورية صغيرة. هذا وقد اتخذت التدابير للحصول على فخارة رميم سالمة.
وكلما تعمقنا في حفر هذا الأخدود كشفنا عن تربة سوداء عفنة